للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى أَنْ تَزُولَ، فَيَحْسَبُ النَّاظِرُ أَنَّهَا قَدْ وَقَفَتْ وَهِيَ سَائِرَةٌ، لَكِنْ سَيْرًا لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ سَرِيعٌ كَمَا يَظْهَرُ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، فَيُقَالُ لِذَلِكَ الْوُقُوفِ الْمُشَاهَدِ: قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ (وَخَلَا الطَّرِيقُ) أَيْ: صَارَ خَالِيًا عَنْ مُرُورِ الْفَرِيقِ (لَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ) ، تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ أَوْ بَيَانٌ (فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ) ، أَيْ أُظْهِرَتْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَمِنْهُ رَفْعُ الْحَدِيثِ، وَهُوَ إِذَاعَتُهُ وَإِظْهَارُهُ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ خَاصٌّ بِمَا أُسْنِدَ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُمِّيَ الْحَدِيثُ بِهِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ كَمَالُ الرِّفْعَةِ بِسَبَبِهِ أَيْ: لِتِلْكَ الصَّخْرَةِ (ظِلٌّ) أَيْ: عَظِيمٌ مِنْ صِفَتِهِ (إِنَّهُ لَمْ تَأْتِ) : بِالتَّأْنِيثِ وَيُذَكَّرُ أَيْ: لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِ (الشَّمْسُ) ، أَيْ بِشُعَاعِهَا حِينَئِذٍ (فَنَزَلْنَا عِنْدَهَا) ، أَيْ عِنْدَ الصَّخْرَةِ (وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَانًا بِيَدَيَّ) : بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ إِشْعَارًا بِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ فِي الْخِدْمَةِ (يَنَامُ عَلَيْهِ) ، اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ أَوْ صِفَةٌ لِمَكَانًا (وَبَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً) ، أَيْ: وَفَرَشْتُ عَلَى الْمَكَانِ جِلْدًا بِشَعْرِهِ (وَقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَأَنَا أَنْفُضُ مَا حَوْلَكَ) ، بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ: أَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارَ، وَأَتَفَحَّصُ عَنِ الْعَدُوِّ، وَأَرَى هَلْ هُنَاكَ مُؤْذٍ مِنْ عَدُوٍّ وَغَيْرِهِ؟ مِنَ النَّفْضِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ النَّظَافَةِ مِنْ نَحْوِ الْغُبَارِ. وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ: أَحْرُسُكَ وَأَطُوفُ هَلْ أَرَى طَلَبًا؟ يُقَالُ: نَفَّضْتُ الْمَكَانَ إِذَا نَظَرْتُ جَمِيعَ مَا فِيهِ، وَالنَّفْضَةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا وَالنَّفِيضَةُ قَوْمٌ يُبْعَثُونَ مُتَجَسِّسِينَ هَلْ يَرَوْنَ عَدُوًّا أَوْ خَوْفًا؟ (فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ) ، بِالْجَرِّ صِفَةُ رَاعٍ، وَمَعْنَاهُ جَاءَ مِنْ قِبَلِنَا وَمِنْ جِهَةِ قُدَّامِنَا. (قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَفَتَحْلُبُ) ؟ بِضَمِّ اللَّامِ وَيَجُوزُ كَسْرُهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَالْمَعْنَى أَفَتَحْلُبُهَا لِي؟ (قَالَ: نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ) ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ: فِي قَدَحٍ مِنْ خَشَبٍ مُقَعَّرٍ (كُثْبَةً) : بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ فَمُوَحَّدَةٍ أَيْ: قَدْرَ حَلْبَتِهِ (مِنْ لَبَنٍ) ، وَقِيلَ: مِلْءُ الْقَدَحِ مِنَ اللَّبَنِ، فَقَوْلُهُ: مِنْ لَبَنٍ عَلَى قَصْدِ التَّجْرِيدِ أَوْ لِمَزِيدِ التَّأْكِيدِ (وَمَعِي إِدَاوَةٌ) : بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ: ظَرْفُ مَاءٍ مُطَهِّرَةٍ أَوْ سِقَايَةٍ (حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: خَاصَّةً أَوْ خَالِصَةً فِي النِّيَّةِ وَقَصْدَ الطَّوِيَّةِ (يَرْتَوِي فِيهَا) ، قَالَ الْتُورِبِشْتِيُّ: رَوِيتُ مِنَ الْمَاءِ بِالْكَسْرِ وَارْتَوَيْتُ وَتَرَوَّيْتُ كُلُّهَا بِمَعْنًى. قَالَ الطِّيبِيُّ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: يَرْتَوِي مِنْهَا لَا فِيهَا. قُلْتُ: فِي الْقَامُوسِ: إِنَّ فِي تَأْتِي بِمَعْنَى (مِنْ) ، أَوِ التَّقْدِيرُ يَرْتَوِي مِنَ الْمَاءِ فِيهَا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَى يَرْتَوِي فِيهَا جَعَلَ الْقَدَحَ آلَةً لِلرِّيِّ وَالسَّقْيِ، وَمِنْهُ الرِّوَايَةُ الْإِبِلُ الَّتِي يَسْتَقِي عَلَيْهَا الْمَاءَ اهـ.

فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: (يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ) ، مُسْتَأْنَفَانِ لِلْبَيَانِ، وَالْجُمْلَةُ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَمَعِي إِلَخْ، حَالِيَّةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ قَوْلِهِ: فَحَلَبَ، وَقَوْلِهِ: (فَأَتَيْتُ الْنَبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، أَيْ بِاللَّبَنِ

(فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ) ، أَيْ أُنَبِّهُهُ مِنَ النَّوْمِ لِاسْتِغْرَاقِهِ فِيهِ (فَوَافَقْتُهُ) : بِتَقَدُّمِ الْفَاءِ عَلَى الْقَافِ فِي النُّسَخِ الْمُصَحِّحَةِ أَيْ: تَأْنِيثٌ بِهِ (حَتَّى اسْتَيْقَظَ) : وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ أَيْ: فَوَافَقْتُهُ فِي النَّوْمِ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمَعْنَى فَوَافَقْتُهُ فِي اخْتِيَارِهِ النَّوْمَ، لِأَنَّ الْإِيقَاظَ نَوْعُ مُخَالَفَةٍ لَهُ. قَالَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ: وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ حِينَ اسْتَيْقَظَ أَيْ: وَافَقَ إِتْيَانِي وَقْتَ اسْتِيقَاظِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، فَوَافَقْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ. وَقَالَ شَارِحٌ: رُوِيَ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ عَلَى الْفَاءِ مِنَ الْوُقُوفِ، وَالْمَعْنَى صَبَرْتُ عَلَيْهِ، وَتَوَقَّفْتُ فِي الْمَجِيءِ إِلَيْهِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ (فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ) أَيْ: بَعْضِهِ (عَلَى اللَّبَنِ) أَيْ: تَبْرِيدًا (حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ) : كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَتِهِ (فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ) أَيْ: طَابَ خَاطِرِي (ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ) ؟ مِنْ أَنَى يَأْنِي إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الشَّيْءِ، وَالْمَعْنَى أَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الرَّحِيلِ؟ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ، وَالْأَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى أَلَمْ يَأْتِ وَقْتَ التَّحْوِيلِ لِلرَّحِيلِ؟ وَهُوَ السَّيْرُ الْجَمِيلُ إِلَى مَوْضِعِ النَّخِيلِ، فَيُطَابِقُ قَوْلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>