للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩١٦ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ لَهَا ذِمَّةً وَرَحِمًا - أَوْ قَالَ: ذِمَّةً وَصِهْرًا - فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا) . قَالَ: فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجْتُ مِنْهَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٥٩١٦ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ) : وَهِيَ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ (وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى) ، أَيْ: يُذْكَرُ (فِيهَا الْقِيرَاطُ) ، وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ دِينَارٍ، وَقِيلَ: خَمْسُ شُعَيْرَاتٍ، وَأَصْلُهُ قِرَّاطٌ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أُبْدِلَتِ الرَّاءُ الْأُولَى يَاءً، وَنَظِيرُهُ دِينَارٌ. قَالَ الْقَاضِي، أَيْ: يُكْثِرُ أَهْلُهَا ذِكْرَ الْقَرَارِيطِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ لِتَشَدُّدِهِمْ فِيهَا وَقِلَّةِ مُرُوءَتِهِمْ، وَقِيلَ: الْقَرَارِيطُ كَلِمَةٌ يُذْكَرُ أَهْلُهَا فِي الْمُسَابَّةِ، وَيَقُولُونَ: أَعْطَيْتُ فُلَانًا قَرَارِيطَ أَيْ: أَسْمَعْتُهُ الْمَكْرُوهَ، وَقَدْ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِلَهْجَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ، لِأَنَّهُ مِنْهُمْ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَوْمَ لَهُمْ دَنَاءَةٌ وَخِسَّةٌ، أَوْ فِي لِسَانِهِمْ بَذَاءٌ وَفُحْشٌ، (فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا) أَيْ: إِذَا اسْتَوْلَيْتُمْ عَلَى أَهْلِهَا وَتَمَكَّنْتُمْ مِنْهُمْ (فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا) أَيْ: بِالصَّفْحِ وَالْعَفْوِ عَمَّا تُنْكِرُونَ وَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ سُوءُ أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ عَلَى الْإِسَاءَةِ، (فَإِنَّ لَهَا) ، أَيْ: لِأَهْلِهَا (ذِمَّةً) ، أَيْ: حُرْمَةً وَأَمَانًا مِنْ جِهَةِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَرَحِمًا) : بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ: قَرَابَةً مِنْ قِبَلِ هَاجَرَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّ هَاجَرَ وَمَارِيَةَ كَانَتَا مِنَ الْقِبْطِ (أَوْ قَالَ ذِمَّةً وَصِهْرًا) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي قَالَ شَارِحٌ: فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصِّهْرُ يَخْتَصُّ بِمَارِيَةَ، وَالذِّمَّةُ بِهَاجَرَ، (فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ) : بِفَتْحِ لَامٍ وَكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ وَهِيَ الْآجُرُّ قَبْلَ طَبْخِهِ (فَاخْرُجْ) ، أَيْ: يَا أَبَا ذَرٍّ (مِنْهَا) . أَيْ: مِنْ مِصْرَ، وَالظَّاهِرُ الْمُطَابِقُ لِرَأَيْتُمْ أَنْ يُقَالَ: فَاخْرُجُوا، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ الْأَمْرَ بِهِ شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْفِتْنَةِ لَوْ أَقَامَ بَيْنَهُمْ.

(قَالَ) ، أَيْ: أَبُو ذَرٍّ (فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ) : بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ فَسُكُونٍ بِلَا انْصِرَافٍ (ابْنِ حَسَنَةَ) : بِفَتَحَاتٍ (وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ) : لَمْ يَذْكُرْهُمَا الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ (يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجْتُ مِنْهَا) . وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي آخِرِ عَهْدِ عُثْمَانَ حِينَ عَتَبُوا عَلَيْهِ وِلَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَخِيهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا كُوشِفَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْغَيْبِ أَنَّهُ سَتَحْدُثُ هَذِهِ الْحَادِثَةُ فِي مِصْرَ، وَسَيَكُونُ عَقِيبَ ذَلِكَ فِتَنٌ وَشُرُورٌ بِهَا كَخُرُوجِ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوَّلًا، وَقَتْلِهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ثَانِيًا، وَهُوَ وَالٍ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ عَلِيٍّ فَاخْتَبَأَ حِينَ أَحَسَّ بِالشَّرِّ فِي جَوْفِ حِمَارٍ مَيِّتٍ فَرَمَوْهُ بِالنَّارِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ عَلَامَةً وَأَمَارَةً لِتِلْكَ الْفِتَنِ وَأَمَرَ أَبَا ذَرٍّ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا حَيْثُمَا رَآهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشُّرَّاحُ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِي طِبَاعِ سُكَّانِهَا خِسَّةً وَمُمَاكَسَةً، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَدْرُ الْحَدِيثِ، فَإِذَا اقْتَضَتِ الْحَالُ إِلَى أَنْ يَتَخَاصَمُوا فِي هَذَا الْمُحَقَّرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّزَ عَنْ مُخَالَطَتِهِمْ وَيَجْتَنِبَ عَنْ مُسَاكَنَتِهِمْ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>