للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٢٤ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَ جَبْرَئِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ، قَدْ تَخَضَّبَ بِالدَّمِ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تُحِبُّ أَنْ نُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ: (نَعَمْ) . فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ: ادْعُ بِهَا، فَدَعَا بِهَا، فَجَاءَتْ، فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَرْجِعْ، فَأَمَرَهَا، فَرَجَعَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (حَسْبِي حَسْبِي) .» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

ــ

٥٩٢٤ - (وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ) : عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مَا فِي نُسْخَةٍ (إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (جَالِسٌ حَزِينٌ، وَقَدْ تَخَضَّبَ بِالدَّمِ) ، أَيْ: تَلَوَّثَ بِهِ يَوْمَ أُحُدٍ عِنْدَ كَسْرِ رَبَاعِيَتِهِ (مِنْ فِعْلِ أَهْلِ مَكَّةَ) ، أَيْ: مِنْ ضَرْبِ كُفَّارِهِمْ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: ضُرِبَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّيْفِ سَبْعِينَ ضَرْبَةً، وَوَقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى. ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] لَكِنْ حَصَلَ لَهُ هَذَا الْكَسْرُ لِيَكْثُرَ لَهُ الْأَجْرُ وَالْجَبْرُ فِي مُشَارَكَةِ مَشَقَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِحْنَةِ الْمُجَاهِدِينَ، وَلِذَا لَمَّا أَصَابَ حَجَرٌ أُصْبُعَهُ وَدَمِيَتْ قَالَ: هَلْ أَنْتَ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ.

(فَقَالَ) أَيْ: جِبْرِيلُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ! تُحِبُّ أَنْ نُرِيَكَ آيَةً) ؟ أَيْ: عَلَامَةً مِنْكَ عَلَى نُبُوَّتِكَ تَسْلِيَةً لَكَ عَلَى مِحْنَتِكَ لِتَعْرِفَ أَنَّهَا سَبَبٌ لِمَزِيدِ مِحْنَتِكَ، وَقُرْبِ مَنْزِلَتِكَ (قَالَ: نَعَمْ، فَنَظَرَ) أَيْ جِبْرِيلُ (إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَائِهِ) ، أَيْ: مِنْ خَلْفِهِ، أَوْ مِنْ خَلْفِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (فَقَالَ) ، أَيْ: جِبْرِيلُ (ادْعُ بِهَا) ، أَيِ اطْلُبْهَا (فَدَعَا بِهَا، فَجَاءَتْ، فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ) ، أَيْ: مُنَادِيَةً لَدَيْهِ وَمُنْقَادَةً إِلَيْهِ (فَقَالَ) ، أَيْ: جِبْرِيلُ (مُرْهَا) ، أَيْ: بِالرُّجُوعِ (فَلْتَرْجِعْ) أَيْ: لِحِكْمَةٍ تَقْتَضِيهِ (فَأَمَرَهَا، فَرَجَعَتْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حَسْبِي) ، أَيْ: كَفَانِي (حَسْبِي) زِيدَ لِلْمُبَالَغَةِ، أَوْ إِشَارَةً إِلَى تَكْرَارِ خَرْقِ الْعَادَةِ بِالْمَجِيءِ وَالْإِعَادَةِ، وَالْمَعْنَى كَفَانِي فِي تَسْلِيَتِي عَمَّا لَقِيتُهُ مِنَ الْحُزْنِ هَذِهِ الْكَرَامَةُ مِنْ رَبِّي. (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>