طَلَبَهَا فَحَضَرَتْ (فَقَالَ: سَمَمْتِ هَذِهِ الشَّاةَ) ؟ لَا بِتَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ، بَلْ بِالْجَزْمِ فِي إِخْبَارِ الْكَلَامِ، وَلِذَا لَمْ تَقُلْ: لَا أَوْ نَعَمْ (قَالَتْ: مَنْ أَخْبَرَكَ؟) أَيِ: اللَّهُ أَوْ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ (قَالَ: أَخْبَرَتْنِي هَذِهِ) أَيْ: هَذِهِ «الذِّرَاعُ بِإِنْطَاقِ اللَّهِ إِيَّاهَا» . وَقَوْلُهُ: (وَفِي يَدِي) : حَالٌ مِنْ هَذِهِ، أَيْ: مُسْتَقِرَّةً فِيهَا (لِلذِّرَاعِ) . وَقِيلَ: اللَّامُ بِمَعْنَى (عَنْ) نَحْوَ قَالَ لِزَيْدٍ: إِنَّهُ لَمْ يَفْعَلِ الشَّرَّ أَيْ: قَالَ عَنْهُ، وَالْمَعْنَى قَالَ عَنِ الذِّرَاعِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْنِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى (إِلَى) أَيْ: قَالَ ذَلِكَ مُشِيرًا إِلَيْهَا (قَالَتْ: نَعَمْ. قُلْتُ) : جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ (إِنْ كَانَ) أَيْ: مُحَمَّدٌ (نَبِيًّا فَلَنْ تَضُرَّهُ) ، أَيِ: الشَّاةُ الْمَسْمُومَةُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَعَفَا عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ اخْتِلَافٌ إِذِ الرِّوَايَةُ وَرَدَتْ بِأَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِهَا فَقُتِلَتْ، وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَفَا عَنْهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَلَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ مِنَ الْأَكْلَةِ الَّتِي ابْتَلَعَهَا أَمَرَ بِهَا فَقُتِلَتْ مَكَانَهُ اهـ. وَفِي الْمَوَاهِبِ، وَقِيلَ: أَسْلَمَتْ وَلَمْ تُقْتَلْ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ قَوْلُهُ: فَعَفَا عَنْهَا أَيْ: تَرَكَهَا أَوَّلًا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ أَمَرَ بِقَتْلِهَا قِصَاصًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَرَكَهَا لِكَوْنِهَا أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَمَرَ بِقَتْلِهَا قِصَاصًا لِقَتْلٍ بِشْرٍ، وَلَمْ يَنْفَرِدِ الزُّهْرِيُّ بِدَعْوَاهُ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ، فَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِي مَغَازِيهِ. وَلَفْظُهُ بَعْدَ قَوْلِهَا: وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا أَرَحْتُ النَّاسَ مِنْكَ، وَقَدِ اسْتَبَانَ لِي أَنَّكَ صَادِقٌ، وَأَنَا أُشْهِدُكَ وَمَنْ حَضَرَ عَلَى دِينِكَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (وَتُوَفِّيَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ) ، أَيْ: بَعْضُهُمْ وَهُوَ بِشْرٌ ( «وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كَاهِلِهِ» ) : بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ: بَيْنَ كَتِفَيْهِ (مِنْ أَجْلِ الَّذِي أَكَلَ مِنَ الشَّاةِ) أَيِ: الْمَسْمُومَةِ (حَجَمَهُ) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ (أَبُو هِنْدٍ) : قِيلَ اسْمُهُ يَسَارٌ الْحَجَّامُ (بِالْقَرْنِ وَالشَّفْرَةِ) ، بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ: كَانَتِ الْمِحْجَمَةُ قَرْنًا (وَالْمِبْضَعَةُ) السِّكِّينُ الْعَرِيضُ (وَهُوَ) ، أَيْ: أَبُو هِنْدٍ (مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ) : بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ قَبِيلَةٌ (مِنَ الْأَنْصَارِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالدَّارِمِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute