للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٣٢ - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ، «أَنَّهُمْ سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ حَتَّى كَانَ عَشِيَّةً، فَجَاءَ فَارِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِنِّي طَلِعْتُ عَلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أَنَا بِهَوَازِنَ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ.

بِظُعُنِهِمْ وَنَعَمِهِمُ اجْتَمَعُوا إِلَى حُنَيْنٍ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: (تِلْكَ غَنِيمَةٌ الْمُسْلِمِينَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) قَالَ: (مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ) قَالَ أَنَسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: (ارْكَبْ) فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ. قَالَ: (اسْتَقْبِلْ هَذَا الشِّعْبَ حَتَّى تَكُونَ فِي أَعْلَاهُ) فَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى مُصَلَّاهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: (هَلْ حَسِسْتُمْ فَارِسَكُمْ) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَسِسْنَا، فَثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ، حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: (أَبْشِرُوا، فَقَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ) فَجَعَلْنَا نَنْظُرُ إِلَى خِلَالِ الشَّجَرِ فِي الشِّعْبِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ جَاءَ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَى هَذَا الشِّعْبِ، حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَصْبَحْتُ طَلَعْتُ الشِّعْبَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هَلْ نَزَلْتَ اللَّيْلَةَ) قَالَ: لَا إِلَّا مُصَلِّيَا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَعْمَلَ بَعْدَهَا) » . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٥٩٣٢ - (وَعَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هِيَ أُمُّ جَدِّهِ، وَقِيلَ أُمُّهُ، وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ، وَبِهَا يُعْرَفُ، وَاسْمُ أَبِيهِ الرَّبِيعُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ سَهْلٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَكَانَ فَاضِلًا مُعْتَزِلًا عَنِ النَّاسِ، كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَكَانَ عَقِيمًا لَا يُولَدُ لَهُ، سَكَنَ الشَّامَ وَمَاتَ بِدِمَشْقَ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ (أَنَّهُمْ) أَيِ: الصَّحَابَةَ (سَارُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ) ، أَيْ: وَقْتَ تَوَجُّهِهِ إِلَيْهِ (فَأَطْنَبُوا السَّيْرَ) أَيْ: أَطَالُوا وَبَالَغُوا فِيهِ (حَتَّى كَانَ عَشِيَّةً) ، أَيِ: السَّيْرُ مُمْتَدٌّ إِلَى وَقْتِ الْعَشِيَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: حَتَّى كَانَ الْوَقْتُ عَشِيَّةً (فَجَاءَ فَارِسٌ) ، أَيْ: رَاكِبُ فَرَسٍ (مُسْرِعًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي طَلِعْتُ) : بِكَسْرِ اللَّامِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَتْحِهَا أَيْ: عَلَوْتُ (عَلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا) ، فَفِي الْقَامُوسِ: طَلَعَ الْجَبَلَ عَلَاهُ كَطَلِعَ بِالْكَسْرِ، وَاقْتَصَرَ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى الْكَسْرِ، وَصَاحِبُ الْمِفْتَاحِ عَلَى الْفَتْحِ، وَفِي نُسْخَةِ السَّيِّدِ ضُبِطَ بِالْكَسْرِ، وَوُضِعَ عَلَيْهِ صَحٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِذَا أَنَا بِهَوَازِنَ) : بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ (عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ: كُلُّهُمْ مُجْتَمِعِينَ، فَقِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَحْمِلُ جَمِيعَ أَوْلَادِهِ عَلَى بَكْرَةٍ، وَالْبَكْرُ بِالْفَتْحِ الْفَتِيُّ مِنَ الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ مِنَ النَّاسِ، وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ، وَجَاءُوا عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ كَلِمَةٌ لِلْعَرَبِ، وَيُرِيدُونَ بِهَا الْكَثْرَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي يُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ عَلَى بَكْرَةِ أَبِيهِمْ أَيْ جَاءُوا بِأَجْمَعِهِمْ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَعَلَى هَاهُنَا بِمَعْنَى (مَعَ) وَهُوَ مَثَلٌ يَضْرِبُهُ الْعَرَبُ، وَكَانَ السَّبَبُ أَنَّ فِيهِ جَمْعًا مِنَ الْعَرَبِ عَرَضَ لَهُمُ انْزِعَاجٌ، فَارْتَحَلُوا جَمِيعًا، وَلَمْ يُخَلِّفُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>