للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٣٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمَرَاتٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فَضَمَّهُنَّ، ثُمَّ دَعَا لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: (خُذْهُنَّ فَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدِكَ، كُلَّمَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَدْخِلْ فِيهِ يَدَكَ فَخُذْهُ وَلَا تَنْثُرْهُ نَثْرًا) . فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكُنَّا نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ حَقْوِي حَتَّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ انْقَطَعَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٥٩٣٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمَرَاتٍ) ، بِفَتَحَاتٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ: كَانَتِ التَّمَرَاتُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، كَذَا فِي الْأَذْكَارِ (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ادْعُ اللَّهَ فِيهِنَّ الْبَرَكَةَ) ، أَيِ: اسْأَلِ اللَّهَ الْبَرَكَةَ فِيهِنَّ أَوْ لِأَجْلِهِنَّ (فَضَمَّهُنَّ) ؟ أَيْ: فَأَخَذَهُنَّ بِيَدِهِ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِنَّ (ثُمَّ دَعَا لِي) ، أَيْ: لِأَجْلِي خُصُوصًا (فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ) ، أَيْ: بِالْبَرَكَةِ فِيهِنَّ، وَكَثْرَةِ الْخَيْرِ فِي أَكْلِهِنَّ مَعَ بَقَائِهِنَّ (قَالَ) ، أَيْ: بِطَرِيقِ الِاسْتِئْنَافِ (خُذْهُنَّ فَاجْعَلْهُنَّ) ، أَيْ: أَدْخِلْهُنَّ (فِي مِزْوَدِكَ) ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الزَّادُ مِنَ الْجِرَابِ وَغَيْرِهِ، (كُلَّمَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ) ، أَيْ: مِنَ التَّمْرِ أَوْ مِنَ الْمِزْوَدِ (شَيْئًا) : قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنْ جَعَلَ مِنْهُ صِلَةً لِتَأْخُذَ، وَشَيْئًا: مَفْعُولٌ لَهُ، فَيَكُونُ نَكِرَةً شَائِعَةً، فَلَا يَخْتَصُّ بِالتَّمْرِ، جَعَلَ وَإِنْ حَالًا مِنْ شَيْئًا اخْتَصَّ بِهِ، (فَأَدْخِلْ فِيهِ) ، أَيْ: فِي الْمِزْوَدِ (يَدَكَ فَخُذْهُ) ، أَيِ: التَّمْرَ مِنْهُ (وَلَا تَنْثُرْهُ) ؟ بِضَمٍّ الْمُثَلَّثَةِ وَتُكْسَرُ (نَثْرًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ، فَفِي الْمِصْبَاحِ نَثَرْتُهُ نَثْرًا مِنْ بَابَيْ نَصَرَ وَضَرَبَ رَمَيْتُ بِهِ مُتَفَرِّقًا (فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ) ، أَيْ: سِتِّينَ صَاعًا عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَصَرَّحَ بِهِ شَارِحٌ أَوْ حِمْلَ بَعِيرٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ، قَالَ الطِّيبِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ حَمَلْتُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَأَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَعْنَى الْأَخْذِ أَيْ: أَخَذْتُهُ مِقْدَارَ كَذَا بِدُفَعَاتٍ انْتَهَى. وَالْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى، فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمُدَّعَى، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ) ، أَيْ: أَنَا وَأَصْحَابِي (نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ) ، أَيْ: غَيْرَنَا (وَكَانَ) ، أَيِ: الْمِزْوَدُ (لَا يُفَارِقُ حَقْوِي) ، أَيْ: وَسَطِي. قَالَ شَارِحٌ: الْحَقْوُ الْإِزَارُ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَوْضِعُ شَدِّ الْإِزَارِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْحَقْوُ مَعْقِدُ الْإِزَارِ، وَسُمِّيَ الْإِزَارُ بِهِ لِلْمُجَاوِرَةِ (حَتَّى كَانَ يَوْمُ) : بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ، وَجُوِّزَ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ حَتَّى كَانَ الزَّمَانُ يَوْمَ (قَتْلِ عُثْمَانَ) : بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مُضَافًا إِلَى مَفْعُولِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ، وَعُثْمَانُ نَائِبُ الْفَاعِلِ. قَالَ الْخَلْخَالِيُّ: يَجُوزُ فَتْحُ يَوْمَ مُضَافًا إِلَى قَتْلِ، وَهُوَ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ كَانَ التَّامَّةِ. (فَإِنَّهُ) ، أَيِ: الْمِزْوَدُ (انْقَطَعَ) . أَيْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَسَقَطَ مِنِّي وَضَاعَ، فَحَزِنْتُ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْفَسَادَ إِذَا شَاعَ ارْتَفَعَتِ الْبَرَكَةُ، وَكَانَ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ:

لِلنَّاسِ هَمٌّ وَلِي هَمَّانِ بَيْنَهُمُ هَمُّ الْجَوَابِ وَهَمُّ الشَّيْخِ عُثْمَانَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>