٥٩٥٠ - وَعَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَحْطًا شَدِيدًا، فَشَكَوْا إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: انْظُرُوا قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاجْعَلُوا مِنْهُ كُوًى إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سَقْفٌ. فَفَعَلُوا، فَمُطِرُوا مَطَرًا حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ، وَسَمِنَتِ الْإِبِلُ، حَتَّى تَفَتَّقَتْ مِنَ الشَّحْمِ، فَسُمِّيَ عَامَ الْفَتْقِ، رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
ــ
٥٩٥٠ - (وَعَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَهُوَ أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، تَابِعِيٌّ مَشْهُورُ الْحَدِيثِ، سَمِعَ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ، قُتِلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ (قَالَ: قُحِطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَحْطًا شَدِيدًا، فَشَكَوْا) ، أَيِ: النَّاسُ (إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: انْظُرُوا قَبْرَ النَّبِيِّ) : بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَفِي نُسْخَةٍ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَاجْعَلُوا مِنْهُ) ، أَيْ: مِنْ قَبْرِهِ (كَوًى) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَيُضَمُّ، فَفِي الْمَغْرِبِ الْكُوَّةُ نَقْبُ الْبَيْتِ وَالْجَمْعُ كَوًى، وَقَدْ يُضَمُّ الْكَافُ فِي الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ اه. وَقِيلَ: يُجْمَعُ عَلَى كِوًى بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ وَالْمَدِّ أَيْضًا، وَالْكُوَّةُ بِالضَّمِّ، وَيُجْمَعُ عَلَى كُوًى بِالضَّمِّ، وَالْمَعْنَى اجْعَلُوا مِنْ مُقَابَلَةِ قَبْرِهِ فِي سَقْفِ حُجْرَتِهِ مَنَافِذَ مُتَعَدِّدَةً (حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُ) ، أَيْ: بَيْنَ قَبْرِهِ (وَبَيْنَ السَّمَاءِ سَقْفٌ) ، أَيْ: حِجَابٌ ظَاهِرِيٌّ (فَفَعَلُوا فَمُطِرُوا) : بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَطَرًا) ، أَيْ: شَدِيدًا (حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ) ، بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيِ: الْعَلَفُ مِنْ مَنَابِتِهِ (وَسَمِنَتْ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ (الْإِبِلُ) : وَكَذَا سَائِرُ الْمَوَاشِي بِالْأَوْلَى (حَتَّى تَفَتَّقَتْ) ، أَيِ: انْتَفَخَتْ خَوَاصِرُهَا مِنَ الرَّعْيِ، وَقِيلَ: انْشَقَّتْ، وَقِيلَ: اتَّسَعَتْ (مِنَ الشَّحْمِ) ، أَيْ: مِنْ كَثْرَتِهِ (فَسُمِّيَ عَامَ الْفَتْقَ) ، أَيْ: سَنَةَ الْخَصْبِ الَّذِي أَفْضَى إِلَى الْفَتْقِ، هَذَا وَقَدْ قِيلَ فِي سَبَبِ كَشْفِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ السَّمَاءَ لَمَّا رَأَتْ قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ الْوَادِي مِنْ بُكَائِهَا. قَالَ تَعَالَى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان: ٢٩] حِكَايَةً عَنْ حَالِ الْكُفَّارِ، فَيَكُونُ أَمْرُهَا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَبْرَارِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَشْفِعُ بِهِ عِنْدَ الْجَدْبِ فَتَمْطُرُ السَّمَاءُ، فَأَمَرَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِكَشْفِ قَبْرِهِ مُبَالَغَةً فِي الِاسْتِشْفَاعِ بِهِ، فَلَا يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ حِجَابٌ. أَقُولُ: وَكَأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ عَرْضِ الْغَرَضِ الْمَطْلُوبِ بِتَوَجُّهِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَهِيَ قِبْلَةُ الدُّعَاءِ وَمَحَلُّ رِزْقِ الضُّعَفَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: ٢٢] (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute