الْفَصْلُ الثَّانِي
٥٩٦٢ - عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ لَعِبَتِ الْحَبَشَةُ بِحِرَابِهِمْ فَرَحًا بِقُدُومِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَفِي رِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَحْسَنَ وَلَا أَضْوَأَ مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أقْبَحَ وَلَا أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَمَا نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا عَنِ التُّرَابِ وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ، حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.
ــ
٥٩٦٢ - (عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ لَعِبَتِ الْحَبَشَةُ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ: رَقَصَتْ (بِحِرَابِهِمْ) : بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حَرْبَةٍ، وَهِيَ رُمْحٌ قَصِيرٌ، وَقِيلَ بِخَنَاجِرِهِمْ (فَرَحًا لِقُدُومِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
(وَفِي رِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ) ، أَيْ: عَنْ أَنَسٍ (قَالَ: مَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ كَانَ أَحْسَنَ) ، أَيْ: أَزْهَرَ فِي الْخَاطِرِ (وَلَا أَضْوَأَ) ، أَيْ: فِي نُورِ الظَّاهِرِ (مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،) أَيْ: فَإِنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْوِصَالِ لِلْمُشْتَاقِينَ إِلَى ذَلِكَ الْحَمَّالِ (وَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا أَقْبَحَ) ، أَيْ: أَسْوَأَ أَوْ أَحْزَنَ فِي الْقَلْبِ (وَلَا أَظْلَمَ) ، أَيْ: فِي عَيْنِ الْقَالَبِ (مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . لِأَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْفِرَاقِ عَلَى الْعُشَّاقِ.
(وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ) ، أَيْ: أَنَسٌ (كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا، أَيْ: أَشْرَقَ مِنَ الْمَدِينَةِ (كُلُّ شَيْءٍ) : بِالرَّفْعِ، فَإِنَّ أَضَاءَ لَازِمٌ، وَقَدْ يَتَعَدَّى وَمِنْ بَيَانٌ تَقَدَّمَتْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِضَاءَةَ كَانَتْ مَحْسُوسَةً (فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ) : فَإِنَّ نُورَهُ شَمْسُ الْعَالَمِ الصُّورِيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ وَتَخْصِيصُ الْمَدِينَةِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ، وَلِنِسْبَةِ رُؤْيَةِ الرَّاوِي أَنْسَبُ (وَمَا نَفَضْنَا أَيْدِيَنَا عَنِ التُّرَابِ) : مِنَ النَّفْضِ، وَهُوَ تَحْرِيكُ الشَّيْءِ لِيَزُولَ مَا عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ وَالْغُبَارِ وَنَحْوِهَا، (وَإِنَّا لَفِي دَفْنِهِ) ، أَيْ: مَشْغُولُونَ بَعْدَ جُمْلَةٍ حَالِيَّةٍ (حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا) . أَيْ: تَغَيَّرَتْ حَالُنَا بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَظُهُورِ أَنْوَاعِ الظُّلْمَةِ عَلَيْنَا وَلَمْ نَجِدْ قُلُوبَنَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَارِ الصَّفَا وَالرِّقَّةِ وَالْأُلْفَةِ فِيمَا بَيْنَنَا لِانْقِطَاعِ مَادَّةِ الْوَحْيِ، وَفُقْدَانِ بِرْكَةِ صُحْبَتِهِ وَأَثَرِ إِكْسِيرِ حُضُورِ حَضْرَتِهِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: زِيدَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا قُلُوبَهُمْ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الصَّفَا وَالْأُلْفَةِ مَادَّةِ الْوَحْيِ، وَفُقْدَانِ مَا كَانَ يَمُدُّهُمْ مِنَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ التَّأْيِيدِ وَالتَّعْلِيمِ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوهَا عَلَى مَا كَانَتْ مِنَ الصِّدْقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute