للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٦٨ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ، عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، حَتَّى أَهْوَى نَحْوَ الْمِنْبَرِ، فَاسْتَوَى عَلَيْهِ وَاتَّبَعْنَاهُ، قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى الْحَوْضِ مِنْ مَقَامِي هَذَا) ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ عَبْدًا عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ) قَالَ: فَلَمْ يَفْطِنْ لَهَا أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بَلْ نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: ثُمَّ هَبَطَ فَمَا قَامَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

ــ

٥٩٦٨ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ) : حَالٌ مِنَ الْمَفْعُولِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: عَلَيْنَا (عَاصِبًا رَأْسَهُ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فَاعِلِ خَرَجَ أَيْ: رَابِطًا رَأَسَهُ (بِخِرْقَةٍ) ، أَيْ: عِصَابَةٍ (حَتَّى) : غَايَةٌ لِخَرَجَ أَيْ: إِلَى أَنْ (أَهْوَى) ، أَيْ: قَصَدَ (نَحْوَ الْمِنْبَرِ، أَيْ: إِلَى جِهَتِهِ (فَاسْتَوَى عَلَيْهِ وَأَتْبَعْنَاهُ) : بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَإِسْكَانِ تَاءٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِهَمْزِةِ وَصْلٍ وَتَشْدِيدِ تَاءٍ أَيْ: لَحِقْنَاهُ وَتَبِعْنَاهُ بِأَنْ قَعَدْنَا تَحْتَ الْمِنْبَرِ قَرِيبًا لَدَيْهِ، وَمُتَوَجَّهًا إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ) ، أَيْ: بَعْدَ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى الْحَوْضِ) ، أَيِ: الْكَوْثَرِ (مِنْ مَقَامِي هَذَا) . لِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ: (وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي) وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَتَحَقَّقَ شَأْنُهُ. (ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ عَبْدًا) ، أَيْ: عَظِيمًا وَعِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا كَرِيمًا (عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا) ، أَيِ: الْفَانِيَةُ (فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ) ، أَيْ وَنِعْمَتَهَا الْبَاقِيَةَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: لَوْ خُيِّرَ الْعَاقِلُ بَيْنَ قَدَحَيْنِ أَحَدُهُمَا خَزَفٌ بَاقٍ وَالْآخَرُ ذَهَبٌ، فَإِنِ اخْتَارَ الْخَزَفَ الْبَاقِي عَلَى الذَّهَبِ الْفَانِي فَكَيْفَ وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّ الْآخَرَ ذَهَبٌ بَاقٍ وَالدُّنْيَا خَزَفٌ فَانٍ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ١٧] (فَلَمْ يَفْطَنْ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَيُضَمُّ مِنْ بَابَيْ فَرِحَ وَنَصَرَ عَلَى مَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي الْقَامُوسِ: فَطِنَ بِهِ وَإِلَيْهِ، وَلَهُ كَفَرِحَ وَنَصَرَ وَكَرُمَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ كَسْرِ الطَّاءِ سَهْوٌ فَلَمْ نَشَأْ مِنْ قِلَّةِ فَطَانَةِ الْكَاتِبِ، وَالْمَعْنَى لَمْ يَتَفَطَّنْ (لَهَا) ، أَيْ: لِهَذِهِ النُّكْتَةِ أَوْ لِلْوَفَاءِ وَلَمْ يَفْهَمْهَا (أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي بَكْرٍ) ، بِالرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَيُنْصَبُ أَيْ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ عَرَفَهَا (فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ) ، أَيْ سَالَتْ دُمُوعُ أَبِي بَكْرٍ (فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بَلْ نَفْدِيكَ بِأَبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا [يَا رَسُولَ اللَّهِ] ، أَيْ عَبِيدِنَا وَإِمَائِنَا وَغَيْرِهِمَا لَوْ كَانَ جَازَ الْفِدَاءُ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَوْ بِجَمِيعِهَا (قَالَ) أَيْ أَبُو سَعِيدٍ (ثُمَّ هَبَطَ) ، أَيْ: نَزَلَ (عَنِ الْمِنْبَرِ فَمَا قَامَ عَلَيْهِ حَتَّى السَّاعَةِ) . أَيْ إِلَى الْآنَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: حَتَّى هِيَ الْجَارَّةُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّاعَةِ الْقِيَامَةُ يَعْنِي فَمَا قَامَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ. (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ

) .

<<  <  ج: ص:  >  >>