للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٦٩ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [الفاتحة: ١ - ٢٩٣٩٤] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاطِمَةَ قَالَ: (نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي) فَبَكَتْ قَالَ: (لَا تَبْكِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقٌ بِي) فَضَحِكَتْ، فَرَآهَا بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَ: يَا فَاطِمَةُ رَأَيْنَاكِ بَكَيْتِ ثُمَّ ضَحِكْتِ. قَالَتْ: إِنَّهُ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَدْ نُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ لِي: لَا تَبْكِي فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقٌ بِي فَضَحِكْتُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَالْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ) » . رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

ــ

٥٩٦٩ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] ، أَيْ: إِلَى آخِرِ السُّورَةِ الْمُشِيرَةِ إِلَى حُصُولِ الْكَمَالِ الْمُسْتَعْقِبِ لِلزَّوَالِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِذَا صَحَّتْ نُصْرَتُكَ فَاشْتَغِلْ بِخِدْمَتِكَ مِنْ تَنْزِيهِ رَبِّكَ وَشُكْرِ نِعْمَتِكَ، فَقَدْ تَمَّ الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثَتِكَ (دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاطِمَةَ) ، أَيْ: طَلَبَهَا (قَالَ) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَوْ حَالٌ (نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي) ، بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُؤَنَّثِ أَيْ: أُخْبِرْتُ بِأَنِّي أَمُوتُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: ضُمِّنَ نُعِيَ مَعْنَى الْإِنْهَاءِ وَعُدِيِّ بِإِلَى، أَيْ: أُنْهِيَ إِلَيَّ نَعْيُ نَفْسِي كَمَا تَقُولُ: أَحْمَدُ إِلَيْكَ فُلَانًا يُقَالُ: نَعَى الْمَيِّتُ يَنْعَاهُ إِذَا أَذَاعَ مَوْتَهُ وَأَخْبَرَ بِهِ، وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى رَتَّبَ قَوْلَهُ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [النصر: ٣] عَلَى مَجْمُوعِ قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: ١ - ٢] فَهُوَ أَمْرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَاصَّةِ نَفْسِهِ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ حَامِدًا لَهُ عَلَى مَا أَوْلَى مِنَ النِّعَمِ بِصِفَاتِ الْإِكْرَامِ، وَهِيَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِيمَا كُلِّفَ بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، وَمُجَاهَدَةِ أَعْدَاءِ الدِّينِ وَبِالْإِقْبَالِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالتَّقْوَى وَالتَّأَهُّبِ لِلْمَسِيرِ إِلَى الْمَقَامَاتِ الْعُلْيَا، وَاللُّحُوقِ بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى، (فَبَكَتْ) . أَيْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حُزْنًا عَلَى قُرْبِ فِرَاقِهِ (قَالَ: (لَا تَبْكِي، فَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لَاحِقٌ بِي) فَضَحِكَتْ) . أَيْ: فَرَحَا بِسُرْعَةِ وِصَالِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>