الْإِنْفَاقِ، فَكَيْفَ بِمُجَاهَدَتِهِمْ وَبَذْلِ أَرْوَاحِهِمْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ سَبَبِ الْحَدِيثِ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ تَخْصِيصُ الصَّحَابَةِ الْكِبَارِ، لَكِنْ يُعْلَمُ نَهْيُ سَبِّ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ لِلصَّحَابِيِّ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الزَّجْرُ عَنْ سَبِّ أَحَدٍ مِمَّنْ سَبَقَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْفَضْلِ، إِذِ الْوَاجِبُ تَعْظِيمُهُمْ وَتَكْرِيمُهُمْ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر: ١٠] (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَكَذَا مُسْلِمٌ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَأَخْرَجَ عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ( «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَلَمَنَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ» ) . وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «إِذَا ظَهَرَتِ الْفِتَنُ - أَوْ قَالَ الْبِدَعُ - وَسُبَّ أَصْحَابِي فَلْيُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلْمَهُ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» ) . وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا ( «مَا ظَهَرَ أَهْلُ بِدْعَةٍ إِلَّا أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِمْ حُجَّةً عَلَى لِسَانِ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ» ) . وَأَخْرَجَ الْمَحَامِلِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ مَرْفُوعًا ( «إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا وَجَعَلَ لِي فِيهِمْ وُزَرَاءَ وَأَنْصَارًا وَأَصْهَارًا، فَمِنْ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» ) . وَرَوَى الْعُقَيْلِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ عَنْ أَنَسٍ: ( «إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا وَأَنْصَارًا وَسَيَأْتِي قَوْمٌ يَسُبُّونَهُمْ وَيَسْتَنْقِصُونَهُمْ، فَلَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تُشَارِبُوهُمْ وَلَا تَوَاكِلُوهُمْ وَلَا تُنَاكِحُوهُمْ» ) . وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَنَسٍ ( «دَعُوا لِي أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغْتُمْ أَعْمَالَهُمْ» ) . وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ( «لَا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute