٦٠٣٨ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ) . قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الدِّينَ) » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٦٠٣٨ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ) ، بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ قَمِيصٍ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (مِنْهَا) أَيْ: مِنَ الْقُمُصِ (مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ) ، بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ جَمَعُ الثَّدْيِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ وَالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ مُفْرَدٌ أُرِيدَ بِهِ الْجِنْسُ (وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ) ، أَيْ قُمُصٌ أَقْصَرُ مِنْهُ أَوْ أَطْوَلُ مِنْهُ، أَوْ أَعَمُّ مِنْهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ دُونَ ذَلِكَ بِمَعْنَى: غَيْرُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: ١١] . وَفِي (فَتْحِ الْبَارِي) : يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ دُونَهُ مِنْ جِهَةِ السُّفْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَيَكُونُ أَطْوَلَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ دُونَهُ مِنْ جِهَةِ الْعُلُوِّ فَيَكُونُ أَقْصَرَ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي رِوَايَةِ الْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَمِيصُهُ إِلَى سُرَّتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَمِيصُهُ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَمِيصُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. قُلْتُ: وَفِي رِوَايَةِ الرِّيَاضِ: وَمِنْهَا مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ (وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) أَيْ: فِيمَا بَيْنَهُمْ (وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ) أَيْ: عَظِيمٌ (يَجُرُّهُ) . أَيْ يَسْحَبُهُ فِي الْأَرْضِ لِطُولِهِ (قَالُوا) أَيْ: بَعْضُ الصَّحَابَةِ مِنَ الْحَاضِرِينَ (فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) ؟ أَيْ فَمَا عَبَّرْتَ جَرَّ الْقَمِيصِ لِعُمَرَ (قَالَ: الدِّينَ) . بِالنَّصْبِ أَيْ أَوَّلْتُهُ الدِّينَ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ أَيِ الْمُؤَوَّلُ بِهِ هُوَ الدِّينُ، وَالْمَعْنَى يُقَامُ الدِّينُ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ مَعَ طُولِ زَمَانِ إِمَارَتِهِ، وَبَقَاءِ أَثَرِ فُتُوحَاتِهِ حَالَ حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ، أَوْ لِأَنَّ الدِّينَ يُشِيدُ الْإِنْسَانَ وَيَحْفَظُهُ وَيَقِيهِ الْمُخَالَفَاتِ كَوِقَايَةِ الثَّوْبِ وَشُمُولِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الْقَمِيصُ الدِّينُ، وَجَرُّهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ آثَارِهِ الْجَمِيلَةِ وَسُنَّتِهِ الْحَسَنَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَأَمَّا تَفْسِيرُ اللَّبَنِ بِالْعِلْمِ فَلِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا، وَفِي أَنَّهُمَا سَبَبَا الصَّلَاحِ، فَاللَّبَنُ غِذَاءُ الْإِنْسَانِ وَسَبَبُ صَلَاحِهِمْ وَقُوَّةِ أَبْدَانِهِمْ، وَالْعِلْمُ سَبَبُ الصَّلَاحِ وَغِذَاءٌ لِلْأَرْوَاحِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute