بِهِ وَامْتَثَلَ؛ فَأَخْبَرَ، وَالْمُرَادُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ الْحَجَرُ الَّذِي فِيهِ أَثَرُ قَدَمِهِ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ فِيهِ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْحَجِّ، أَوْ رَفَعَ بِنَاءَ الْبَيْتِ، وَلَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ وَهُوَ مَوْضِعُهُ الْيَوْمَ، رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخَذَ بِيَدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: هَذَا مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ عُمَرُ: أَفَلَا نَتَّخِذُهُ مُصَلًّى؟ فَقَالَ: لَمْ أُومَرُ بِذَلِكَ فَلَمْ تَغِبِ الشَّمْسُ حَتَّى نَزَلَتْ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ بِرَكْعَتَيِ الطَّوَافِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، وَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ١٢٥] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَلِلشَّافِعِيِّ فِي وُجُوبِ الرَّكْعَتَيْنِ قَوْلَانِ اهـ. وَهُمَا وَاجِبَتَانِ عَقِبَ كُلِّ طَوَافٍ عِنْدَنَا. (وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَى نِسَائِكَ الْبَرُّ) : بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيِ الْبَارُّ وَهُوَ الصَّالِحُ (وَالْفَاجِرُ) ، أَيِ الْفَاسِقُ (فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ) أَيْ: عَنِ الْأَجَانِبِ مُطْلَقًا (فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ) : وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: ٥٣] وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كُنْتُ آكُلُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْسًا فِي قَعْبٍ، فَمَرَّ عُمَرُ فَدَعَاهُ فَأَكَلَ فَأَصَابَتْ أُصْبُعُهُ أُصْبُعِي فَقَالَ: حِسَّ أَوْ آهِ لَوْ أَطَاعَ فِيكُنَّ مَا رَأَتْكُنَّ عَيْنٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ، وَقَوْلُهُ: حِسَّ بِكَسْرِ السِّينِ وَالتَّشْدِيدِ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْإِنْسَانُ إِذَا أَصَابَهُ مَا أَحْرَقَهُ كَالْجَمْرَةِ وَالضَّرْبَةِ وَنَحْوِهِمَا. ( «وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْغَيْرَةِ» ) ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ الْعَسَلَ وَالْحَلْوَاءَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ فَغِرْتُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ شَرْبَةً فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ، الْحَدِيثَ. فَنَزَلَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] . (فَقُلْتُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ} [التحريم: ٥] : بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ أَيْ: يُعْطِيهِ بَدَلًا عَنْكُنَّ {أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: ٥] فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute