للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَقُولُ: وَالْوَجْهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سَمْتِ أَهْلِ الْمُرُوءَاتِ فَطَلَبَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُؤْتِيَ لَهُ مَنْ يُؤَاكِلُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بِرًّا وَإِحْسَانًا مِنْهُ إِلَيْهِ، وَأَبَرُّ الْمَبَرَّاتِ بِذَوِي الرَّحِمِ وَصِلَتِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ مِنْ ذَوِي الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ، وَمَنْ هُوَ أَوْلَى بِإِحْسَانِي وَبِرِّي إِلَيْهِ اهـ.

وَفِيهِ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الْعَمَّ أَوْلَى مِنَ ابْنِهِ وَكَذَا الْبِنْتُ وَأَوْلَادُهَا فِي أَمْرِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الطِّيبِيِّ هَذَا إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ هُنَاكَ مِمَّنْ يُؤَاكِلُهُ، وَلَا شَكَّ فِي وُجُودِهِ لَا سِيَّمَا وَأَنَسٌ حَاضِرٌ وَهُوَ خَادِمُهُ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مَعَهُ، فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ، وَنَظِيرُهُ مَا وَرَدَ مِنْ أَحَادِيثَ بِلَفْظِ: أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي أُمُورٍ لَا يُمْكِنُ جَمْعُهَا إِلَّا بِأَنْ يُقَالَ فِي بَعْضِهَا إِنَّ التَّقْدِيرَ مِنْ أَفْضَلِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>