للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦١٠٧ - وَعَنْهُ، قَالَ: «كُنْتُ شَاكِيًا، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ فَأَرِحْنِي، وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فَارْفَغْنِي، وَإِنْ كَانَ بَلَاءً فَصَبِّرْنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كَيْفَ قُلْتَ؟ " فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَا قَالَ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَافِهِ - أَوِ اشْفِهِ - " شَكَّ الرَّاوِي قَالَ: فَمَا اشْتَكَيْتُ وَجَعِي بَعْدُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

ــ

٦١٠٧ - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ عَلِيٍّ (قَالَ: كُنْتُ شَاكِيًا) ، أَيْ: مَرِيضًا (فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، أَيْ: ذَاهِبًا أَوْ عَائِدًا (وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَجَلِي) ، أَيْ: انْتِهَاءُ عُمْرِي (قَدْ حَضَرَ) ، أَيْ: وَقْتُهُ (فَأَرِحْنِي) ، أَيْ: بِالْمَوْتِ مِنَ الْإِرَاحَةِ وَهِيَ إِعْطَاءُ الرَّاحَةِ بِنَوْعِ إِزَاحَةٍ لِلْبَلِيَّةِ (وَإِنْ كَانَ) ، أَيْ: (أَجَلِي مُتَأَخِّرًا فَارْفَغْنِي) : بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: وَسِّعْ لِي فِي الْمَعِيشَةِ بِإِعْطَاءِ الصِّحَّةِ فَإِنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي النِّهَايَةِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: أَرْفَغَ لَكُمُ الْمَعَاشَ أَيْ: أَوْسَعَ وَعَيْشٌ رَافِغٌ أَيْ: وَاسِعٌ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ ارْفَغْنِي مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الرَّفْغُ السَّعَةُ وَالْخِصْبُ، وَزَادَ فِي الصِّحَاحِ يُقَالُ: رَفَغَ عَيْشُهُ رَفَاغَةً أَيِ: اتَّسَعَ فَهُوَ عَيْشٌ رَافِغٌ وَرَفِيغٌ أَيْ: وَاسِعٌ طَيِّبٌ، وَتَرَفَّغَ الرَّجُلُ تَوَسَّعَ فِي رَفَاغَتِهِ مِنَ الْعَيْشِ.

قَالَ مَيْرَكُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ رَفَغَ لَازِمٌ فَقَوْلُ الطِّيبِيُّ فِي الْحَدِيثِ أَيْ: وَسِّعْ لِي عَيْشِي لَا يَخْلُو عَنْ تَأْوِيلٍ. قُلْتُ يَعْنِي بِهِ الْحَذْفَ وَالْإِيصَالَ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي صُحِّحَ فِي أَصْلِ سَمَاعِنَا: فَارْفَعْنِي بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الرَّفْعِ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِالْمَقَامِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ. قُلْتُ: إِذَا وَقَعَ حَقُّ التَّأَمُّلِ فِي الْمَقَامِ يَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِلْمَرَامِ، لِأَنَّ الرَّفْعَ الْمُتَعَدِّي بِمَعْنَى الْقَبْضِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥] نَعَمْ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَيُقَالُ التَّقْدِيرُ فَارْفَعْ أَيِ: الْمَرَضَ عَنِّي (وَإِنْ كَانَ) : عَطْفٌ عَلَى إِنْ كَانَ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ، وَالْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ (بَلَاءً) ، أَيْ: مِمَّا قَدَّرْتَ لَهُ قَضَاءً (فَصَبِّرْنِي) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ: أَعْطِنِي الصَّبْرَ عَلَيْهِ وَلَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ الْجَزَعِ لَدَيْهِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: ١٢٧] (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيْفَ قُلْتَ فَأَعَادَ) ، أَيْ: عَلِيٌّ (عَلَيْهِ مَا قَالَ) ، أَيْ: أَوَّلًا (فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ) ، أَيْ: لِيَتَنَبَّهَ عَنْ غَفْلَةِ أَمْرِهِ، وَيَنْتَهِيَ عَنْ شِكَايَةِ حَالِهِ وَتَتَّصِلَ إِلَيْهِ بَرَكَةُ قَدَمِهِ وَلِيَحْصُلَ لَهُ كَمَالُ مُتَابَعَتِهِ فِي أَثَرِهِ (وَقَالَ: " اللَّهُمَّ عَافِهِ ": بَهَاءِ الضَّمِيرِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِهَاءِ السَّكْتِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: (أَوِ اشْفِهِ) . (شَكَّ الرَّاوِي) : هَذَا كَلَامُ أَحَدِ الرُّوَاةِ الْمُتَأَخِّرَةِ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا وَنَحْوَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي مَرَضِهِ: اللَّهُمَّ عَافِنِي أَوِ اشْفِنِي مِنْ غَيْرِ تَرْدِيدٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ. (قَالَ) ، أَيْ: عَلِيٌّ (فَمَا اشْتَكَيْتُ وَجَعِي) ، أَيْ: هَذَاكَ (بَعْدُ) . أَيْ: بَعْدَ دُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>