٦١٨٥ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَى جِبْرَئِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ، فَإِذَا أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٦١٨٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، أَيْ: وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحِرَاءَ (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذِهِ) : إِشَارَةٌ عَلَى مَا فِي ذِهْنِ جِبْرِيلَ (خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ) ، أَيْ: تَوَجَّهَتْ مِنْ (مَكَّةَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ) ، أَيْ: مَعَ خُبْزٍ (أَوْ طَعَامٍ) ، أَيْ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِمَا (فَإِذَا أَتَتْكَ) ، أَيْ: تَحَقَّقَ مَأْتَاهَا عِنْدَكَ (فَاقْرَأْ عَلَيْهَا) : بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ أَبْلِغْهَا (السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ) ، بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ لُؤْلُؤٍ مُجَوَّفٍ وَاسِعٍ كَالْقَصْرِ الْمَنِيفِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ، أَيْ: مِنْ قَصَبِ اللُّؤْلُؤِ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ لُؤْلُؤٍ إِذْ فِي لَفْظِ الْقَصَبِ مُنَاسِبَةٌ لِأَنَّهَا أَحْرَزَتْ قَصَبَ السَّبْقِ لِمُبَادَرَتِهَا إِلَى الْإِيمَانِ دُونَ غَيْرِهَا. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: «خَدِيجَةُ سَابِقَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِمُحَمَّدٍ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ (لَا صَخَبَ) : بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَا: لَنَفْيِ الْجِنْسِ أَيْ: لَا صِيَاحَ أَوْ لَا اخْتِلَاطَ صَوْتٍ. (فِيهِ) ، أَيْ: فِي الْقَصَبِ الْمُعَبَّرِ بِهِ عَنِ الْقَصْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ فِيهَا، فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْجَنَّةِ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (وَلَا نَصَبَ) . بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ تَعَالَى: {لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: ٣٥] أَيْ كَلَالٌ. قَالَ شَارِحٌ، أَيْ: لَا يَكُونُ لَهَا شَاغِلٌ يَشْغَلُهَا عَنْ لَذَائِذِ الْجَنَّةِ وَلَا تَعَبَ يَنْقُصُهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: نَفَى عَنِ الْقَصَبِ الصَّخَبَ وَالنَّصَبَ، لِأَنَّهُ مَا مِنْ بَيْتٍ فِي الدُّنْيَا يَسْكُنُهُ قَوْمٌ إِلَّا كَانَ بَيْنَ أَهْلِهِ صَخَبٌ وَجَلَبَةٌ، وَإِلَّا كَانَ فِي بِنَائِهِ وَإِصْلَاحِهِ نَصَبٌ وَتَعَبٌ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ قُصُورَ الْجَنَّةِ خَالِيَةٌ عَنْ هَذِهِ الْآفَاتِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُؤَيِّدُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ بِنَاءَ بَيْتِ الْجَنَّةِ حَاصِلٌ بِقَوْلِهِ: كُنْ، لَيْسَ كَأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا إِنَّمَا يَتَسَبَّبُ بِنَاؤُهَا صَخَبٌ وَنَصَبٌ، وَكَذَا السُّكُونُ فِيهَا لَا يَخْلُو عَنْهُمَا وَلَيْسَ حُكْمُ بَيْتِ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute