٦١٨٦ - «وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةَ، فَيَقُولُ: " إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وُلْدٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٦١٨٦ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ غَارَ يَغَارُ نَحْوُ خَافَ يَخَافُ (مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ) : مَا: الْأُولَى نَافِيَةٌ، وَالثَّانِيَةُ مَوْصُولَةٌ أَوْ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ: مَا غِرْتُ مِثْلَ الَّتِي غِرْتُهَا أَوْ مِثْلُ غَيْرَتِي عَلَيْهَا، وَالْغَيْرَةُ: الْحَمِيَّةُ وَالْأَنَفُ (وَمَا رَأَيْتُهَا) ، الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ؟ هِيَ تَقْتَضِي عَدَمَ الْغَيْرَةِ لِعَدَمِ الْبَاعِثِ عَلَيْهَا غَالِبًا وَلِذَا قَالَتْ: (وَلَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا) ، أَيْ فِي مَقَامِ الْمَدْحِ (وَرُبَّمَا) : بِالتَّشْدِيدِ وَيُخَفَّفُ (ذَبَحَ شَاةً) ، أَيْ: شَاةً مِنَ الشِّيَاهِ (ثُمَّ يُقَطِّعُهَا) : بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ أَيْ يُكْثِرُ قَطْعَهَا (أَعْضَاءً) ، أَيْ عُضْوًا عُضْوًا بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ عُضْوٍ قِطْعَةً (ثُمَّ يَبْعَثُهَا) ، أَيْ: أَعْضَاءَ الشَّاةِ (فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ) ، أَيْ أَصْدِقَائِهَا جَمْعُ صَدِيقَةٍ وَهِيَ الْمَحْبُوبَةُ (فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ: كَأَنَّهُ) ، أَيِ: الشَّأْنُ (لَمْ تَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةَ) : بِالرَّفْعِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِالنَّصْبِ (فَيَقُولُ: " أَنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ") أَيْ كَانَتْ صَوَّامَةً وَقَوَّامَةً وَمُحْسِنَةً وَمُشْفِقَةً إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: كَرَّرَ كَانَتْ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّثْنِيَةَ، وَلَكِنَّ التَّكْرِيرَ لِيَتَعَلَّقَ بِهِ كُلَّ مَرَّةٍ مِنْ خَصَائِلِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: ٨٢] وَلَمْ يُذْكَرْ هُنَا مُتَعَلَّقُهُ لِلشُّهْرَةِ تَفْخِيمًا. (" وَكَانَ ") ، أَيْ: مَعَ هَذَا (" لِي مِنْهَا وُلْدٌ ") . بِضَمٍّ فَسُكُونٍ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا جَمْعُ وَلَدٍ وَمِنْهُمْ فَاطِمَةُ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ الْقُرَشِيَّةُ، كَانَتْ تَحْتَ ابْنِ هَالَةَ بْنِ زُرَارَةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَتِيقُ بْنُ عَابِدٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهَا يَوْمَئِذٍ مِنَ الْعُمْرِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَلَمْ يَنْكِحْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ امْرَأَةٍ وَلَا نَكَحَ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ مِنْ كَافَّةِ النَّاسِ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ، وَجَمِيعُ أَوْلَادِهِ مِنْهَا غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ، فَإِنَّهُ مِنْ مَارِيَةَ، وَمَاتَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ، وَقِيلَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَقِيلَ بِثَلَاثٍ وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنَ النُّبُوَّةِ عَشْرُ سِنِينَ، وَكَانَ لَهَا مِنَ الْعُمْرِ خَمْسٌ وَسِتُّونَ سَنَةً، وَكَانَ مُدَّةُ مَقَامِهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَدُفِنَتْ بِالْحَجُونِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute