الْفَصْلُ الثَّانِي
٥١٩ - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ «رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً، إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» ، رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، والدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ الْإِسْنَادُ، هَكَذَا فِي الْمُنْتَقَى.
ــ
٥١٩ - (وَعَنْ أَبِي بَكَرَةَ) : بِالتَّاءِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ: بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، قِيلَ: تَدَلَّى يَوْمَ الطَّائِفِ بِبَكَرَةَ وَأَسْلَمَ، فَكَنَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي بَكْرَةَ وَأَعْتَقَهُ ; فَهُوَ مِنْ مَوَالِيهِ، وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. (رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَخَّصَ) أَيْ: جَوَّزَ ( «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً» ) وَاخْتُلِفَ هَلِ الْمَسْحُ أَفْضَلُ أَمِ الْغَسْلُ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَابِسًا لِلْخُفِّ بِشَرْطِهِ فَالْمَسْحُ أَفْضَلُ ; كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ) أَيْ: لَبِسَ خُفَّيْهِ بَعْدَ طَهَارَةِ رِجْلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْقِيبُ ; فَالْفَاءُ لِمُجَرَّدِ الْبَعْدِيَّةِ، فَقَوْلُ ابْنِ الْمَلَكِ: " الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ " قَوْلٌ لَا قَائِلَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: " أَيْ لَبِسَ خُفَّيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الطَّهَارَةِ " مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، (أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا) مَفْعُولُ رَخَّصَ (رَوَاهُ الْأَثْرَمُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (فِي سُنَنِهِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ) : مُصَغَّرًا (وَالدَّارَقُطْنِيُّ) وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، وَقَالَ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. كَذَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ (وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، هَكَذَا فِي الْمُنْتَقَى) كِتَابٌ لِابْنِ تَيْمِيَةَ الْحَنْبَلِيِّ، وَقَالَ غَيْرُ الْخَطَّابِيِّ: إِنَّهُ حَسَنُ الْإِسْنَادِ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا هُوَ حُجَّةٌ فِي أَنَّ مُدَّةَ الْمَسْحِ مُقَدَّرَةٌ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ: لَا تُقَدَّرُ بَلْ يَمْسَحُ كُلٌّ مِنَ الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ مَا شَاءَ لِخَبَرٍ فِيهِ، لَكِنَّهُمُ اتَّفَقُوا أَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرِبٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَوْلُ عُمَرَ لِمَنْ مَسَحَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ: " أَصَبْتَ السُّنَّةَ " مُعَارَضٌ بِمَا صَحَّ عَنْهُ مِنَ التَّوْقِيتِ، فَإِمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ حِينَ بَلَغَهُ، وَإِمَّا أَنَّ قَوْلَهُ بِالتَّوْقِيتِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ; لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَصَبْتَ السُّنَّةَ، أَيْ: نَفْسَ الْمَسْحِ، رَدٌّ لِمَنْ زَعَمَ عَدَمَ جَوَازِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute