٥٢٠ - وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
٥٢٠ - (وَعَنْ صَفْوَانَ) عَلَى وَزْنِ سَلْمَانَ، مُرَادِيٌّ، سَكَنَ الْكُوفَةَ، وَحَدِيثُهُ فِيهِمْ (ابْنِ عَسَّالٍ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ وَبِاللَّامِ (قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا» ) بِسُكُونِ الْفَاءِ مُنَوَّنًا جَمْعُ مُسَافِرٍ، أَيْ: مُسَافِرِينَ، وَقِيلَ: اسْمٌ لَا جَمْعَ لَهُ إِذْ لَمْ يَنْطِقُوا بِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِذَا كَانُوا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا، وَهُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (أَنْ لَا نَنْزِعَ) أَيْ: يَنْهَانَا عَنِ النَّزْعِ، وَهُوَ يُرِيدُ مَا صَحَّحْنَا مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ أَفْضَلُ (خِفَافَنَا) بِكَسْرِ الْخَاءِ جَمْعُ خُفٍّ، يَعْنِي: أَنْ نَمْسَحَ عَلَيْهَا (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ) اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ تَقْدِيرُهُ: أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا مِنْ حَدَثٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُغْتَسِلِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّزْعُ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ مُؤْذِنًا بِإِثْبَاتِ النَّزْعِ مِنْهَا اسْتَدْرَكَهُ بِالْأَحْدَاثِ الَّتِي لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا النَّزْعُ لِيُعْلَمَ اخْتِصَاصُ وُجُوبِ النَّزْعِ بِالْجَنَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ أَسْبَابِ الْحَدَثِ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ فَقَالَ: (وَلَكِنْ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَقَوْلُهُ: (مِنْ غَائِطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَنَحْنُ نَنْزِعُ مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ لَا نَنْزِعُ مِنْ غَائِطٍ (وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ) الْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى " أَوْ " يَعْنِي: بَلْ نَتَوَضَّأُ، وَنَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ أَحَدِهَا، وَيُرْوَى: " لَا مِنْ جَنَابَةٍ " وَهُوَ أَظْهَرُ، أَيْ: يَأْمُرُنَا أَنْ لَا «نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ» . مِنْ حَدَثٍ لَا مِنْ جَنَابَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ، وَلَكِنْ يَأْمُرُنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ مِنْ غَائِطٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَكِنْ مُفَادُهَا مُخَالَفَةُ مَا قَبْلَهَا مَا بَعْدَهَا، نَفْيًا أَوْ إِثْبَاتًا، مُحَقَّقًا أَوْ مُئَوَّلًا، فَالتَّقْدِيرُ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ نَنْزِعَ خِفَافَنَا مِنَ الْجَنَابَةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَكِنْ لَا نَنْزِعُهَا فِيهَا مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ وَغَيْرِهَا، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ رَدَّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ; لِأَنَّ ظَاهِرَهَا يُنَافِي قَاعِدَةَ الْعَطْفِ، لَكِنْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ، غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ حَتَّى يُوَافِقَ تِلْكَ الْقَاعِدَةَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الرَّدَّ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute