للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَعَالَى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} [الحشر: ٩] وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنَ الْهِجْرَةِ كَانَ إِلَى اللَّهِ، وَأَنَّ التَّهَاجُرَ كَانَ مِنْ دَارِ قَوْمِي إِلَى دَارِكُمْ (" الْمَحْيَا ") ، أَيْ: مَحْيَايَ (" مَحْيَاكُمْ. وَالْمَمَاتُ ") ، أَيْ: مَمَاتِي (" مَمَاتُكُمْ ") . وَالْمَعْنَى مَا حَيِيتُ أَحْيَ فِي بِلَادِكُمْ كَمَا تَحْيُونَ فِيهِ، وَإِذَا تُوُفِّيْتُ تُوُفِّيْتُ فِي بِلَادِكُمْ كَمَا تُتَوَفَّوْنَ لَا أُفَارِقُكُمْ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا. (قَالُوا) ، أَيِ: الْأَنْصَارُ (وَاللَّهِ مَا قُلْنَا) ، أَيْ: مَا قُلْنَاهُ (إِلَّا ضِنًّا) : بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ: شُحًّا وَبُخْلًا (بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) . أَيْ: مِنْ شَرَفِ الْجِوَارِ وَالصُّحْبَةِ، وَاسْمُ اللَّهِ لِلتَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: يُرِيدُونَ مَا قُلْنَا ذَلِكَ إِلَّا ضِنَّةً بِمَا آتَانَا اللَّهُ مِنْ كَرَامَتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَفُوتَنَا فَيَنَالَهُ غَيْرُنَا، وَشُحًّا بِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ بَلْدَتِنَا إِلَى بَلْدَتِهِ. انْتَهَى.

وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُمْ عَنَوْا أَنَّ الْآدَمِيَّ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ الْأَقَارِبِ وَالْأَوْطَانِ، فَخَشِينَا أَنْ تَمِيلَ عَنَّا إِلَيْهِمْ، فَحَرَّكْنَاكَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَجَرَّبْنَاكَ لِيَتَبَيَّنَ لَنَا الْمَرَامُ، فَلَا يُرَدُّ. كَيْفَ قَالُوا ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] عَلَى مَا أَوْرَدَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. (قَالَ: " فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ ") ، أَيْ: فِي إِخْبَارِكُمْ عَنْ أَخْبَارِكُمْ (وَيَعْذِرَانِكُمْ) . بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَيُضَمُّ أَيْ يَقْبَلَانِ مَا ذَكَرْتُمْ مِنِ اعْتِذَارِكُمْ فِيمَا قُلْتُمْ مِنْ دَعْوَى الضِّنَةِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْبُخْلِ بِالْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَعَدَمِ الرِّضَا بِمُفَارَقَتِهِمْ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>