(وَفِي رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ: " «مَا حَدَّثَكُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَصَدِّقُوهُ» ) : وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا أَسَرَّ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْخِلَافَةِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ الَّذِي أَوْصَلَهُ بِحَدِيثِ الْخِلَافَةِ فَقَالَ: لَوِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ فَعَصَيْتُمُوهُ عُذِّبْتُمْ، وَلَكِنْ مَا حَدَّثَكُمْ حُذَيْفَةُ فَصَدِّقُوهُ، وَحُذَيْفَةُ هُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي " وَلَمْ أَرَ فِي التَّعْرِيضِ بِالْخِلَافَةِ فِي سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْضَحَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَلَا أَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " «سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ قَوْلُهُ: (بَدَلَ: " وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ") . الظَّاهِرُ بَدَلَ تَمَسَّكُوا فَإِنَّ الْوَاوَ الْعَاطِفَةَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . الرِّوَايَةُ الْأُولَى رَوَاهَا التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَهُوَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ رَوَاهَا التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، لَكِنْ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ: «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " لَا أَدْرِي مَا بَقَائِي فِيكُمْ. فَاقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي» " وَأَشَارَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " «وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَمَا حَدَّثَكُمُ ابْنُ مَسْعُودٍ فَصَدِّقُوهُ» ". وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ. أَقُولُ: وَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ - وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: " «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ - ثُمَّ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِي الْمِشْكَاةِ وَقَالَ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالرُّويَانِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ، وَابْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَنَسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute