للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢٤١ - «- وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوِ اسْتَخْلَفْتَ؟ قَالَ: إِنِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ فَعَصَيْتُمُوهُ عُذِّبْتُمْ وَلَكِنْ مَا حَدَّثَكُمْ حُذَيْفَةُ فَصَدِّقُوهُ وَمَا أَقْرَأَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ فَاقْرَءُوهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٦٢٤١ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالُوا) ، أَيْ: بَعْضُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنَ الِاسْتِخْلَافِ (يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اسْتَخْلَفْتَ) أَيْ إِنِ اسْتَخْلَفْتَ شَخْصًا فَمَنْ يَكُونُ؟ وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لَوْ هَذِهِ لِلتَّمَنِّي أَيْ لَيْتَنَا أَوِ الِامْتِنَاعِيَةُ وَجَوَابُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ لَكَانَ خَيْرًا اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ نَوْعُ اعْتِرَاضٍ (قَالَ: " إِنِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ ") ، أَيْ: أَحَدًا (" فَعَصَيْتُمُوهُ ") ، أَيِ: اسْتِخْلَافِي أَوْ مُسْتَخْلَفِي (" عُذِّبْتُمْ ") ، أَيْ عَذَابًا شَدِيدًا. قَالَ الطِّيبِيُّ: عُذِّبْتُمْ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَالْجَوَابُ فَعَصَيْتُمُوهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِمَا يَلْزَمُ مِنَ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِخْلَافُ سَبَبًا لِلْعِصْيَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ الْمُسْتَعْقِبَ لِلْعِصْيَانِ سَبَبٌ لِلْعَذَابِ، وَقَوْلُهُ: (وَلَكِنْ مَا حَدَّثَكُمْ حُذَيْفَةُ فَصَدِّقُوهُ، وَمَا أَقْرَأَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ) ، أَيِ: ابْنُ مَسْعُودٍ (" فَاقْرَءُوهُ ") . مِنَ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْجَوَابِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: لَا يُهِمُّكُمُ اسْتِخْلَافِي فَدَعُوهُ، وَلَكِنْ يُهِمُّكُمُ الْعَمَلُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا، وَخَصَّ حُذَيْفَةَ لِأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ سِرِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُنْذِرَهُمْ مِنَ الْفِتْنَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ لِأَنَّهُ كَانَ مُنْذِرَهُمْ مِنَ الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ. اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى مَا أَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ أَحَدًا وَلَكِنْ إِلَخْ. ثُمَّ وَجْهُ اخْتِصَاصِهِمَا بِهَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُمَا شَاهِدَانِ عَلَى صِحَّةِ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ، فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْخِلَافَةِ دُونَ الْعِبَارَةِ لِئَلَّا يَتَرَتَّبَ عَلَى الثَّانِي شَيْءٌ مِنَ الْمَعْصِيَةِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّعْذِيبِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى لِلِاجْتِهَادِ مَجَالٌ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . قَالَ مِيرَكُ: وَفِي إِسْنَادِهِ شَرِيكٌ وَفِيهِ مَقَالٌ. قُلْتُ: وَخَرَّجَهُ ابْنُ السَّمَّانِ عَنْ حُذَيْفَةَ وَلَفْظُهُ «قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: " إِنِّي إِنِ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ فَعَصَيْتُمْ خَلِيفَتِي نَزَلَ الْعَذَابُ بِكُمْ " قَالُوا: أَلَا نَسْتَخْلِفُ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: " إِنْ تَسْتَخْلِفُوهُ تَجِدُوهُ قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ ضَعِيفًا فِي نَفْسِهِ ". قَالُوا: أَلَا نَسْتَخْلِفُ عُمَرَ؟ قَالَ: " إِنْ تَسْتَخْلِفُوهُ تَجِدُوهُ قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ قَوِيًّا فِي بَدَنِهِ " قَالُوا: أَلَا نَسْتَخْلِفُ عَلِيًّا؟ قَالَ: " إِنْ تَسْتَخْلِفُوهُ تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا يَسْلُكُ بِكُمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>