للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُرَكَّبَةِ الَّتِي لَا طَلَبَ لِمُفْرَدَاتِهِ مُمَثَّلًا وَمُمَثَّلًا بِهِ مِثْلَ شَابَتْ لَمَّةُ اللَّيْلِ وَقَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: تَقْذَرُهُمْ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ قَذِرْتُ الشَّيْءَ بِالْكَسْرِ أَيْ: كَرِهْتُهُ، وَنَفْسُ اللَّهِ بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ: ذَاتُهُ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ مُضَافٌ وَمُضَافٌ إِلَيْهِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَإِثْبَاتَ شَيْئَيْنِ، لَكِنَّهُ جَازَ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِبَارُ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّسَاعِ تَعَالَى اللَّهُ عَنِ الْإِثْنَوِيَّةِ وَمُشَابَهَتِهِ لِلْمُحْدَثَاتِ عُلُوًّا كَبِيرًا (تَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ) أَيْ: تُلَازِمُهُمُ النَّارُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَتَجْمَعُهُمْ مَعَ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ هُمْ بِاعْتِبَارِ صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ، كَالْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ. (" تَبِيتُ ") ، أَيِ: النَّارُ (" مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا، وَتَقِيلُ ") : بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ: تَضْحَى وَتَظَلُّ النَّارُ (" مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا ") . أَيْ: أَضْحَوْا وَظَلُّوا، وَهُوَ مِنَ الْقَيْلُولَةِ وَهِيَ الِاسْتِرَاحَةُ بِالنَّهَارِ، فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنِفَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِدَوَامِ الْمُلَازَمَةِ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ: جُمْلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا أَوْ حَالٌ مِنْهُ، وَأَمَّا الْجُمَلُ السَّابِقَةُ فَكُلُّهَا مُسْتَأْنِفَةٌ أَجْوِبَةً لِلْأَسْئِلَةِ الْمُقَدَّرَةِ.

قَالَ الْمُظْهِرُ: النَّارُ هَاهُنَا الْفِتْنَةُ يَعْنِي تَحْشُرُهُمْ نَارُ الْفِتْنَةِ الَّتِي هِيَ نَتِيجَةُ أَفْعَالِهِمُ الْقَبِيحَةِ، وَأَقْوَالِهِمْ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، لِكَوْنِهِمْ مُتَخَلِّقِينَ بِأَخْلَاقِهِمْ، فَيَظُنُّونَ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي بُلْدَانِهِمْ، فَيَخْتَارُونَ جَلَاءَ أَوْطَانِهِمْ وَيَتْرُكُونَهَا، وَالْفِتْنَةُ تَكُونُ لَازِمَةً لَهُمْ، وَلَا تَنْفَكُّ عَنْهُمْ حَيْثُ يَكُونُونَ وَيَنْزِلُونَ وَيَرْحَلُونَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>