٦٢٧٦ - وَعَنِ ابْنِ حَوَالَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَيَصِيرُ الْأَمْرُ أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ، فَقَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيَرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ وَاسْقُوا مِنْ غُدَرِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
٦٢٧٦ - (وَعَنِ ابْنِ حَوَالَةَ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " سَيَصِيرُ الْأَمْرُ ") ، أَيْ: أَمْرُ الْإِسْلَامِ أَوْ أَمْرُ الْقِتَالِ (" أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا ") ، أَيْ: عَسَاكِرَ (" مُجَنَّدَةً ") ، بِتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: مَجْمُوعَةً فِي كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ، أَوْ مُخْتَلِفَةً فِي مُرَاعَاةِ الْأَحْكَامِ (" جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ ") ، أَيْ: عِرَاقُ الْعَرَبِ وَهُوَ الْبَصْرَةُ وَالْكُوفَةُ، أَوْ عِرَاقُ الْعَجَمِ وَهُوَ مَا وَرَاءَهَا دُونَ خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ. (فَقَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي) : بِكَسْرِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَمْرٌ مِنَ الْخِيَرَةِ بِمَعْنَى الِاخْتِيَارِ، أَيِ: اخْتَرْ لِي جُنْدًا أَلْزَمُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ) ، أَيْ: ذَلِكَ الْوَقْتَ (فَقَالَ: " عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا ") أَيِ: الشَّامَ (خِيَرَةُ) : بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ، وَقَدْ يُسَكَّنُ أَيْ: مُخْتَارَةُ (اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ) أَيْ: مِنْ بِلَادِهِ فَفِيهَا خَيْرُ عِبَادِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْخِيرُ بِسُكُونِ الْيَاءِ الِاسْمُ مِنْ خَارَ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهِيَ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ اخْتَارَ، وَمُحَمَّدٌ خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ اهـ.
وَالْمَعْنَى اخْتَارَهَا اللَّهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ لِلْإِقَامَةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ (" يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيَرَتَهُ ") : بِالنَّصْبِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ ثُمَّ مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ فِي قَوْلِهِ: (" مِنْ عِبَادِهِ ") قَالَ شَارِحٌ: يَجْتَبِي يَفْتَعِلُ مِنْ جَبَوْتُ الشَّيْءَ، وَجَبَيْتُهُ: جَمَعْتُهُ، فَالْمَعْنَى يَجْمَعُ اللَّهُ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ الْمُخْتَارِينَ مِنْ عِبَادِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يَجْتَبِي لَازِمًا أَيْ: يَجْتَمِعُ إِلَيْهَا الْمُخْتَارُونَ مِنْ عِبَادِهِ، وَقَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: خِيَرَتُهُ مَرْفُوعٌ بِأَنَّهُ فَاعِلُ يَجْتَبِي إِنْ كَانَ مِنَ الِاجْتِبَاءِ اللَّازِمِ، وَهُوَ بِمَعْنَى الِاجْتِمَاعِ، أَوْ مَنْصُوبٌ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ إِنْ كَانَ مِنَ الِاجْتِبَاءِ الْمُتَعَدِّي، وَهُوَ بِمَعْنَى الِاصْطِفَاءِ وَالِاخْتِيَارِ اهـ.
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مِنَ الثَّانِي مُوَافَقَةً لِمَا وَرَدَ فِي التَّنْزِيلِ: {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ} [الشورى: ١٣] (" فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ ") ، أَيِ: امْتَنَعْتُمْ مِنَ الْقَصْدِ إِلَى الشَّامِ (" فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا ") : بِهَمْزِ الْوَصْلِ وَيَجُوزُ قَطْعُهُ أَيْ: أَنْفُسَكُمْ وَدَوَابَّكُمْ (" مِنْ غُدَرِكُمْ ") بِضَمِّ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ مُهْمَلَةٍ أَيْ: حِيَاضِكُمْ (" فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ ") ، أَيْ: تَكَفَّلَ (" لِي ") ، أَيْ: لِأَجْلِي وَإِكْرَامًا لِي فِي أُمَّتِي، وَقِيلَ صَوَابُهُ تَكَفَّلَ لِي أَيْ ضَمِنَ الْقِيَامَ (بِالشَّامِ) ، أَيْ: بِأَمْرِ الشَّامِ وَحِفْظِ أَهْلِهِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute