وَفِي قَوْلِهِ بِأَنْتَ وَأَبِي يَعْنِي يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ أَنْ يَكُونَ يَفْدِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ لَوِ اتَّفَقَ رُؤْيَتُهُمْ وَوُصُولُهُمْ إِلَيَّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: لَوْ هَاهُنَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: ٢] فَلَا بُدَّ لِيَوَدُّ مِنْ مَفْعُولٍ، فَلَوْ مَعَ مَا بَعْدَهُ نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ وَيُحِبُّ مَا يُلَازِمُ قَوْلَهُ: لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ أَيْ يَفْدِي أَهْلَهُ وَمَالَهُ لِيَرَانِي، فَقُلْتُ: الْأَظْهَرُ كَلَامُ الْمُظْهِرِ عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَنَّ " لَوْ " هُنَا حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ بِمَنْزِلَةِ إِنَّ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَنْصِبُ وَأَكْثَرُ وُقُوعِ هَذِهِ بَعْدَ وَدَّ أَوْ يَوَدُّ نَحْوَهُ: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ - وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ - يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} [البقرة: ٨٩ - ٩٦] قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يُثْبِتْ وُرُودَ " لَوْ " الْمَصْدَرِيَّةِ وَالَّذِي أَثْبَتَهُ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو الْبَقَاءِ وَالتِّبْرِيزِيُّ وَابْنُ مَالِكٍ، وَيَقُولُ الْمَانِعُونَ فِي نَحْوِ: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} [البقرة: ٩٦] أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ، وَأَنَّ مَفْعُولَ يَوَدُّ وَجَوَابَ " لَوْ " مَحْذُوفَانِ، وَالتَّقْدِيرُ يَوَدُّ أَحَدُهُمُ التَّعْمِيرَ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ لَسَرَّهُ ذَلِكَ، وَلَا خَفَاءَ فِيمَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّكَلُّفِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute