٦٢٨٥ - وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذُكِرَ حَدِيثُ أَنَسٍ إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ.
ــ
٦٢٨٥ - (وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " لَا تَزَالُ ") : وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَوْقِيَّةِ (" مِنْ أُمَّتِي ") ، أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ أُمَّتِي بِالْإِجَابَةِ (" أُمَّةٌ ") ، أَيْ: طَائِفَةٌ (" قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ ") ، أَيْ: بِأَمْرِ دِينِهِ وَأَحْكَامِ شَرِيعَتِهِ مِنْ حِفْظِ الْكِتَابِ وَعِلْمِ السُّنَّةِ وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُمَا، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَالنَّصِيحَةِ لِخَلْقِهِ وَسَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١٠٤] (" لَا يَضُرُّهُمْ ") ، أَيْ: لَا يَضُرُّ دِينَهُمْ وَأَمْرَهُمْ (" مَنْ خَذَلَهُمْ ") ، أَيْ: مَنْ تَرَكَ عَوْنَهُمْ وَنَصْرَهُمْ، بَلْ ضَرَّ نَفْسَهُ وَظَلَمَ عَلَيْهَا بِإِسَاءَتِهَا (" وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ ") ، أَيْ: لَمْ يُوَافِقْهُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ (" حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ") ، أَيْ: مَوْتُهُمْ أَوِ انْقِضَاءُ عَهْدِهِمْ (" وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ") . أَيْ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ وَجْهَ الْأَرْضِ لَا يَخْلُو مِنَ الصُّلَحَاءِ الثَّابِتِينَ عَلَى أَوَامِرِ اللَّهِ الْمُتَبَاعِدِينَ عَنْ نَوَاهِيهِ حَافِظِينَ لِأُمُورِ الشَّرِيعَةِ يَسْتَوِي عِنْدَهُمْ مُعَاوَنَةُ النَّاسِ وَمُخَالَفَتُهُمْ إِيَّاهُمْ، وَفَسَّرَ شَارِحٌ أَمْرَ اللَّهِ بِالْقِيَامَةِ، وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ حَدِيثُ: " «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي الْأَرْضِ مَنْ يَقُولُ: اللَّهُ» ". وَقَالَ شَارِحٌ: قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ أَيْ مُتَمَسِّكَةٌ بِدِينِهِ، قِيلَ: هُمُ الْأُمَّةُ الْقَائِمَةُ بِتَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَحِفْظِ الْحَدِيثِ لِإِقَامَةِ الدِّينِ، وَقِيلَ: هُمُ الْمُقِيمُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ الْمُدِيمُونَ لَهُ مِنْ قَامَ الشَّيْءُ دَامَ، وَالْبَاءُ فِي بِأَمْرِ اللَّهِ بِمَعْنَى " مَعَ " أَوْ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ: دَائِمَةٌ مَعَ أَمْرِ اللَّهِ أَوْ مُدِيمَةٌ إِيَّاهُ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ شَوْكَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تَزُولُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَإِنَّ ضَعْفَ أَمْرِهِ فِي قُطْرٍ قَوِيَ وَعَلَا فِي قُطْرٍ آخَرَ وَقَامَ بِإِعْلَائِهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْأُمَّةُ الْقَائِمَةُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَإِنِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَإِنَّ الْمُعْتَدَّ بِهِ مِنَ الْأَقَاوِيلِ أَنَّهَا الْفِئَةُ الْمُرَابِطَةُ بِثُغُورِ الشَّامِ نَضَّرَ اللَّهُ بِهِمْ وَجْهَ الْإِسْلَامِ، لِمَا فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ وَهُمْ بِالشَّامِ، وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى تُقَاتِلَ آخِرُهُمُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، وَفِي بَعْضِهَا قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَّى هُمْ؟ قَالَ: " بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ". فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الشَّامِ، وَقَدْ عَاشَتِ الذِّئَابُ فِي الْقَطِيعِ، وَعَبَرَتِ الْجُنُودُ الْعَاتِيَةُ عَنِ الْفُرَاتِ، وَأَبَاحَتْ عَلَى مَا وَرَاءَهُ مِنَ الْبَلَاءِ كَنَبِيحَ وَسَرُوجَ وَحَلَبَ وَمَا حَوَالَيْهَا قُلْتُ: إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا يَضُرُّهُمْ كُلَّ الضَّرَرِ، وَقَدْ أَضَرَّ الْكُفَّارَ يَوْمَ أُحُدٍ بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمَّا كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى لَمْ يَعُدْ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ، مَعَ أَنَّ الْفِئَةَ الْمَوْعُودَةَ لَهُمْ بِالنَّصْرِ هُمُ الْجُيُوشُ الْغَازِيَةُ بِهَا وَلَمْ يُصِبْهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلَى الْيَوْمِ غَضَاضَةٌ وَلَا هَوَانٌ، بَلْ كَانَ لَهُمُ النُّصْرَةُ وَعَلَى عَدُوِّهِمُ الدَّبْرَةُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ - كَذَا قَالَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ الْمُغِيرَةِ وَلَفْظُهُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» ". وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ: " «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَوَّامَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا» ". وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ عُمَرَ وَلَفْظُهُ: «لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» ". وَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، أَيْ: مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute