٥٤٩ - وَعَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ. فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ: إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ
ــ
٥٤٩ - (وَعَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي) : الْفَتْحُ فِي الْيَاءِ أَفْصَحُ مِنَ السُّكُونِ (النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَاوِلِينِي ") : بِالْوَجْهَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ: أَعْطِينِي (الْخُمْرَةَ) : وَهِيَ بِالضَّمِّ سَجَّادَةٌ صَغِيرَةٌ تُعْمَلُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ، وَتُزَيَّنُ بِالْخُيُوطِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّخْمِيرِ. بِمَعْنَى التَّغْطِيَةِ، فَإِنَّهَا تُخَمِّرُ مَوْضِعَ السُّجُودِ أَوْ وَجْهَ الْمُصَلِّي مِنَ الْأَرْضِ (مِنَ الْمَسْجِدِ) : قِيلَ: حَالٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَكُونُ الْخُمْرَةُ فِي الْحُجْرَةِ وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: حَالٌ مِنَ الْخُمْرَةِ، فَيَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى الْعَكْسِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: " مِنَ الْمَسْجِدِ " مُتَعَلِّقٌ بِنَاوِلِينِي، وَحِينَئِذٍ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ: ادْخُلِي الْمَسْجِدَ فَخُذِيهَا وَأَعْطِينِي إِيَّاهَا مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ، وَلَا تَرَدُّدَ فِيهِ لِحِلِّ هَذَا لِلْحَائِضِ إِذَا أَمِنَتِ التَّلْوِيثَ، أَوْ مُدِّي يَدَكِ وَأَنْتِ خَارِجَةٌ فَتَنَاوَلِيهَا مِنْهُ، ثُمَّ نَاوِلِينِي إِيَّاهَا، وَهَذَا جَائِزٌ أَيْضًا بِالْأَوْلَى، وَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِـ " قَالَ " لَكِنَّهُ بَعِيدٌ اهـ.
وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَا قَالَهُ أَوَّلًا، فَإِنَّهُ يَبْعُدُ شَرْعًا وَعُرْفًا ; لِعَدَمِ دُخُولِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ فِي مَذْهَبِنَا مُطْلَقًا، (فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ: فَقَالَ: " إِنَّ حَيْضَتَكِ ") : بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهِيَ الْحَالَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا الْحَائِضُ مِنَ الْمَحِيضِ وَالتَّجَنُّبِ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنَ الْحَيْضِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ) : يَعْنِي: لَيْسَتْ نَجِسَةً يَدُكِ ; لِأَنَّهَا لَا حَيْضَ فِيهَا، وَهَذَا كَالصَّرِيحِ لِلرَّدِّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ أَوَّلًا، قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْحَائِضِ أَنْ تَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنَ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّ مَنْ حَلِفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارًا أَوْ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِإِدْخَالِ بَعْضِ جَسَدِهِ فِيهِ. قَالَ قَتَادَةَ: الْجُنُبُ يَأْخُذُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَضَعُ فِيهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute