الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٥٧٥ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ، وَإِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا، فَأَنَا هَذَا، فَاقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ. فَقَالَ عُمَرَ: لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ. قَالَ: وَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ شَيْئًا. فَقَامَ الرَّجُلُ، فَانْطَلَقَ فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَدَعَاهُ، وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ: " {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يَذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [الفاتحة: ١١٤ - ٣٠٥٢٤] ". فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟ : " فَقَالَ: بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٥٧٥ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي عَالَجْتُ امْرَأَةً) : أَيْ: دَاعَبْتُهَا وَزَاوَلْتُ مِنْهَا مَا يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ غَيْرَ أَنِّي مَا جَامَعْتُهَا. قَالَهُ الطِّيبِيُّ (فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ) : أَيْ: أَسْفَلَهَا وَأَبْعَدَهَا عَنِ الْمَسْجِدِ ; لِأَظْفَرَ مِنْهَا بِجِمَاعِهَا (إِنِّي أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا) : مَا مَوْصُولَةٌ، أَيِ: الَّذِي تَجَاوَزَ الْمَسَّ أَيِ: الْجِمَاعَ (فَأَنَا هَذَا، فَاقْضِ) : الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ: أَنَا حَاضِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ وَمُنْقَادٌ لِحُكْمِكَ فَاقْضِ بِسَبَبِ ذَلِكَ (فِيَّ) : أَيْ: فِي حَقِّي (مَا شِئْتَ) : أَيْ: أَرَدْتَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَىَّ كِنَايَةٌ عَنْ غَايَةِ التَّسْلِيمِ وَالِانْقِيَادِ إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (فَقَالَ لَهُ عُمَرَ: لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ) : أَيْ: لَكَانَ حَسَنًا، لَوْ لِلتَّمَنِّي، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إِنَّ " لَوْ " تَحْضِيضِيَّةٌ أَيْ: هَلَّا سَتَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ (قَالَ) : أَيِ: ابْنُ مَسْعُودٍ (وَلَمْ يَرُدَّ) : بِفَتْحِ الدَّالِّ الْمُشَدَّدَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا وَكَسْرُهَا (النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ: عَلَى الرَّجُلِ أَوْ عَلَى عُمَرَ (شَيْئًا) : مِنَ الْكَلَامِ انْتِظَارًا لِقَضَاءِ اللَّهِ فِيهِ، رَجَاءً أَنْ يُخَفِّفَ مِنْ عُقُوبَتِهِ (فَقَامَ الرَّجُلُ، فَانْطَلَقَ) : أَيْ: فَذَهَبَ ظَنًّا مِنْهُ لِسُكُوتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ اللَّهَ سَيُنْزِلُ فِيهِ شَيْئًا، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُبَلِّغَهُ، فَإِنْ كَانَ عَفْوًا شَكَرَ وَإِلَّا عَادَ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ، هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِحَالِهِ، وَإِلَّا فَانْطِلَاقُهُ قَبْلَ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْهُ خِلَافُ الْأَدَبِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: إِنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ هَرَبٌ فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ ; لِأَنَّهُ بِنَفْسِهِ اعْتَرَفَ، فَكَيْفَ يَهْرُبُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْدَرِئُ بِهِ الْحُدُودُ، (فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ: أَرْسَلَ عَقِبَهُ (رَجُلًا) : لِيَدْعُوهُ (فَدَعَاهُ) : أَيِ الرَّجُلُ الرَّجُلَ (وَتَلَا) : عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (عَلَيْهِ) : أَيْ: عَلَى الرَّجُلِ السَّائِلِ (هَذِهِ الْآيَةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [هود: ١١٤] : بَدَلٌ مِنَ الْآيَةِ " {طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: ١١٤] ": أَيِ الصُّبْحَ فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ، وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ أَوِ الْأَخِيرَ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ " زُلَفًا ": أَيْ: فِي سَاعَاتٍ قَرِيبَةٍ مِنَ النَّهَارِ " مِنَ اللَّيْلِ ": مِنْ بَيَانٌ يَعْنِي: صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ " {إِنَّ الْحَسَنَاتِ} [هود: ١١٤] ": أَيِ: الصَّلَوَاتِ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ " {يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] ": أَيْ: يَمْحُونَ الصَّغَائِرَ وَيُخَفِّفْنَ الْكَبَائِرَ " ذَلِكَ ": أَيْ: مَا ذُكِرَ أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute