للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْعَظِيمَةِ مِنَ الْمِنَّةِ الْجَسِيمَةِ " ذِكْرَى ": أَيْ: تَذْكِيرٌ وَمَوْعِظَةٌ " لِلذَّاكِرِينَ ": لِنِعْمَةِ اللَّهِ أَوْ لِلْمُتَّعِظِينَ (فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ) : قِيلَ: هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَقِيلَ: هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ (يَا نَبِيَّ اللَّهِ) : وَاخْتِيرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ إِيمَاءً بِأَنَّ مَا أَنْبَأَهُمْ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا هُوَ مَا أَنْبَأَ بِهِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى (هَذَا) : أَيْ: هَذَا الْحُكْمُ (لَهُ) : أَيْ: لِلسَّائِلِ (خَاصَّةً؟) : أَيْ: يَخُصُّهُ خُصُوصًا أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً (فَقَالَ: " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً ") أَيْ: يَعُمُّهُمْ جَمِيعًا وَهُوَ مِنْهُمْ، أَوْ هُوَ يَدْخُلُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا ; لِأَنَّهُ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ، وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَسِيَاقُ هَذَا غَيْرُ سِيَاقِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْوَاقِعَةَ تَكَرَّرَتْ لِرَجُلَيْنِ، وَأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّ سُكُوتَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ بِحُكْمِ الْأُولَى لِانْتِظَارِ شَيْءٍ جَدِيدٍ فِيهَا. اهـ.

وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ تَكْرَارُ نُزُولِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِهَا ثَانِيًا، بَلْ إِنَّهُ قَرَأَهَا اسْتِشْهَادًا أَوِ اعْتِضَادًا، وَرُبَّمَا كَانَ سُكُوتُهُ لِأَمْرٍ آخَرَ، فَلَمَّا قَامَ الرَّجُلُ نَادَاهُ وَبَيَّنَ لَهُ مُدَّعَاهُ، وَيَخْطِرُ بِالْبَالِ - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْحَالِ - أَنَّ سَبَبَ سُكُوتِهِ وَعَدَمَ مُبَادَرَتِهِ بِالْمَقَالِ أَنْ لَا تَجْتَرِئَ الْأُمَّةُ عَلَى سُوءِ الْفِعَالِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>