٥٨٥ - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ: إِنَّ أَهَمَّ أُمُورِكُمْ عِنْدِي الصَّلَاةُ ; مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا حَفِظَ دِينَهُ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَضْيَعُ. ثُمَّ كَتَبَ: أَنْ صَلُّوا الظُّهْرَ إِنْ كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا، إِلَى أَنْ يَكُونَ ظِلُّ أَحَدِكُمْ مِثْلَهُ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ قَدْرَ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءَ إِذَا غَابَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ، فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ، فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ، وَالصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ
ــ
٥٨٥ - (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ) : جَمْعِ عَامِلٍ أَيْ: أُمَرَائِهِ (إِنَّ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا (أَهَمَّ أُمُورِكُمْ عِنْدِي) : أَيْ: فِي اعْتِقَادِي الْمُطَابِقِ بِالصَّوَابِ (الصَّلَاةُ) : بِدَلِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَيِ: الْأَمْرُ بِهَا وَالسَّعْيُ فِي إِظْهَارِهَا، وَدُعَاءُ النَّاسِ إِلَيْهَا (مَنْ حَفِظَهَا) : بِأَنْ أَدَّى شَرَائِطَهَا وَأَرْكَانَهَا (وَحَافَظَ عَلَيْهَا) : أَيْ: دَاوَمَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُبْطِلْهَا بِالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ وَالْغُرُورِ وَالْعَجَبِ (حَفِظَ دِينَهُ) : أَيْ: بَقِيَّةَ أُمُورِ دِينِهِ ; لِأَنَّهَا عِمَادُ الدِّينِ؛ وَلِأَنَّهَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ؛ وَلِأَنَّهَا فَرْقٌ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَالْمُطِيعِ وَالْعَاصِي، وَلِأَنَّهَا نَجْوَى بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَهِيَ مِعْرَاجُ الْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَسْهُوَ عَنْهَا، وَيُؤَدِّيهَا فِي أَوْقَاتِهَا، وَيُتِمُّ أَرْكَانَهَا وَرُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا، وَيُؤَكِّدُ نَفْسَهُ بِالِاهْتِمَامِ بِهَا وَالتَّكْرِيرِ. بِمَعْنَى الِاسْتِقَامَةِ وَالدَّوَامِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: ٣٠] (وَمَنْ ضَيَّعَهَا) : أَيِ: الصَّلَاةَ بِتَرْكِهَا رَأْسًا أَوْ بِتَرْكِ بَعْضِ مَا يَجِبُ فِيهَا (فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا: أَيْ سِوَى الصَّلَاةِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ (أَضْيَعُ) : أَيْ: أَكْثَرُ تَضْيِيعًا ; لِأَنَّهَا أُمُّ الْعِبَادَاتِ وَرَأْسُ الطَّاعَاتِ وَمَاحِيَةُ السَّيِّئَاتِ (ثُمَّ كَتَبَ) : أَيْ عُمَرُ (أَنْ) : أَيْ: بِأَنْ (صَلُّوا الظُّهْرَ إِنْ كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا) : أَنْ مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْوَقْتُ مُقَدَّرٌ أَيْ: وَقْتُ كَوْنِ الْفَيْءِ قَدْرَ ذِرَاعٍ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَحَلٍّ يَكُونُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مِقْدَارَ الْفَيْءِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ (إِلَى أَنْ يَكُونَ) : أَيْ: يَسْتَمِرُّ وَقْتُهَا إِلَى أَنْ يَصِيرَ (ظِلُّ أَحَدِكُمْ مِثْلَهُ) : أَيْ: سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ (وَالْعَصْرَ) : بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الظُّهْرِ (وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ (قَدْرُ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ) : ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: مُرْتَفِعَةٌ أَيْ: ارْتِفَاعُهَا مِقْدَارُ أَنْ يَسِيرَ الرَّاكِبُ (فَرْسَخَيْنِ) : إِلَى الْمَغْرِبِ (أَوْ ثَلَاثَةً) : أَيْ: ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ. وَالْفَرْسَخُ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ خُطْوَةً، وَثُلُثُهُ مِيلٌ (قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ، وَالْمَغْرِبَ) : بِالنَّصْبِ (إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءَ) : بِالنَّصْبِ (إِذَا غَابَ الشَّفَقُ) : أَيِ: الْأَحْمَرُ وَيَسْتَمِرُّ (إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، فَمَنْ نَامَ) : أَيْ: قَبْلَ الْعِشَاءِ كَذَا فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ، ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَمَنْ نَامَ عَنِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا سِيَّمَا الْعِشَاءَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا بِأَنْ سَهَا عَنْهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا (فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ) : دَعَا بِنَفْيِ الِاسْتِرَاحَةِ عَلَى مَنْ يَسْهُو عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَيَنَامُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا، قَالَهُ الطِّيبِيُّ (فَمَنْ نَامَ) : يَعْنِى: تَكَاسُلًا أَوْ تَهَاوُنًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ، فَمَنْ نَامَ فَلَا نَامَتْ عَيْنُهُ) : التَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ أَوْ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّائِمِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي هَذَا تَحْرِيمُ النَّوْمِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى التَّفْصِيلِ هُوَ أَنَّهُ تَارَةً يَنَامُ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَتَارَةً بَعْدَ دُخُولِهِ، فَفِي الثَّانِي إِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ نَوْمَهُ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّوْمُ إِلَّا إِنْ وَثِقَ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُوقِظُهُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً فِي الْوَقْتِ، وَكَذَا فِي الْأَوَّلِ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا حُرْمَةَ فِيهِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يُكَلَّفْ بِهَا بَعْدُ اهـ. وَهُوَ مَذْهَبُنَا، وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الثَّانِي وَهُوَ الْمُقْتَضِي لِقَوَاعِدِنَا. (وَالصُّبْحَ) : بِالنُّصْبِ (وَالنُّجُومُ) : بِالرَّفْعِ (بَادِيَةٌ) : بِالْيَاءِ أَيْ: ظَاهِرَةٌ (مُشْتَبِكَةٌ) : أَيْ: مُخْتَلِطَةٌ (رَوَاهُ مَالِكٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute