٥٨٦ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ إِلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.
ــ
٥٨٦ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ) : بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنَ الصَّلَاةِ، أَوْ بِالنَّصْبِ بِتَقْدِيرِ: أَعْنِي (فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ) : أَيْ: مِنَ الْفَيْءِ (إِلَى خَمْسَةِ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ إِلَى سَبْعَةِ أَقْدَامٍ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا أَمْرٌ مُخْتَلِفٌ فِي الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي طُولِ الظِّلِّ وَقِصَرِهِ هُوَ زِيَادَةُ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَانْحِطَاطِهَا، فَكُلَّمَا كَانَتْ أَعْلَى وَإِلَى مُحَاذَاةِ الرُّءُوسِ أَقْرَبَ كَانَ الظِّلُّ أَقْصَرَ، وَبِالْعَكْسِ. وَلِذَلِكَ ظِلَالُ الشِّتَاءِ أَبَدًا أَطْوَلُ مِنْ ظِلَالِ الصَّيْفِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَكَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَهُمَا مِنَ الْإِقْلِيمِ الثَّانِي، فَيَذْكُرُونَ أَنَّ الظِّلَّ فِي أَوَّلِ الصَّيْفِ فِي شَهْرِ آذَارَ ثَلَاثَةُ أَقْدَامٍ وَشَيْءٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ مُتَأَخِّرَةً عَنِ الْوَقْتِ الْمَعْهُودِ، فَيَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ، وَأَمَّا الظِّلُّ فِي الشِّتَاءِ فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ فِي تِشْرِينَ الْأَوَّلِ خَمْسَةُ أَقْدَامٍ أَوْ خَمْسَةٌ وَشَيْءٌ، وَفِي الْكَانُونِ سَبْعَةُ أَقْدَامٍ أَوْ سَبْعَةٌ وَشَيْءٌ، فَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ مُنَزَّلٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فِي ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ دُونَ سَائِرِ الْأَقَالِيمِ، وَالْبُلْدَانِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْإِقْلِيمِ الثَّانِي. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) وَسَنَدُهُ حَسَنٌ.
وَقَالَ السُّبْكِيُّ: اضْطَرَبُوا فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ: وَكَانَ يُؤَخِّرُ فِي الصَّيْفِ إِلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُ الظِّلِّ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ، وَلِلنَّسَائِيِّ: فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدَامٍ، وَفِي الشِّتَاءِ خَمْسَةَ أَقْدَامٍ، وَالَّذِي عِنْدِي فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا فِي الصَّيْفِ بَعْدَ نِصْفِ الْوَقْتِ، وَفِي الشِّتَاءِ أَوَّلَهُ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ حَدُّ الْإِبْرَادِ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِلْإِبْرَادِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَدَّى فِي الْإِبْرَادِ عَنْ نِصْفِ الْوَقْتِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute