للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الثاني:

أولا: دليلهم على وجوب القضاء:

يمكن أن يستدل لهذا القول: أن النص خص عدم فساد الصوم في حالة النسيان بالأكل والشرب, ولم يذكر الجماع, ولاغيره من مفسدات الصوم, مع قيام الحاجة إلى بيان حكمها, وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز, فدل على بقائها على حكم الأصل, وهو أنها تُفسِد الصيام في العمد, والسهو.

يمكن أن يناقش:

أن النص إنما ذكر حالة النسيان في الأكل, والشرب, على سبيل المثال لا على سبيل الحصر؛ فيعتبر بالأكل, والشرب ماسواهما من مفسدات الصيام؛ إذ النسيان متصور في الكل, والشريعة لا تأتي بالتفريق بين المتشابهات.

ثانيا: دليلهم على عدم وجوب الكفارة:

أن الكفارة ماحية للذنب، ومع النسيان لا إثم ينمحي, فليس ثمة مصلحة من وجوب الكفارة (١).

القول الثالث:

من جامع ناسيا في نهار رمضان وجب عليه القضاء, والكفارة, وهو المذهب عند الحنابلة, ومن مفرداتهم (٢).

دليل القول الثالث:

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: بينما نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: (ما لك؟ ) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هل تجد رقبة تعتقها؟ ) قال: لا، قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين)، قال: لا، فقال: (فهل تجد إطعام ستين مسكينا) قال: لا، قال: فمكث النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبينا نحن على ذلك أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرق فيها تمر قال: (أين السائل؟ ) فقال: أنا، قال: (خذها، فتصدق به) فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟


(١) ينظر: الإنصاف, للمرداوي ٣/ ٣١١.
(٢) ينظر: المغني, لابن قدامة ٣/ ١٣٥, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ٣/ ٥٦, والإنصاف, للمرداوي ٣/ ٣١١.

<<  <   >  >>