للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه، ثم قال: (أطعمه أهلك) (١).

وجه الاستدلال بالحديث:

أن السؤال كالمعاد في الجواب، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من وقع على امرأته, وهو صائم, فليعتق رقبة) فالحال يقتضي العموم, خاصةً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الأعرابي بالكفارة, ولم يسأله عن العمد, والسهو، ولو افترق الحال لسأل واستفصل (٢).

يمكن أن يناقش:

لو سُلم بعموم الأمر بالكفارة هنا, فالنصوص التي جاءت بعدم مؤاخذة الناسي خاصة, والخاص مقدم على العام, ومنها: قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (٣) , وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا نسي فأكل, وشرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) (٤) , وحديث أنس -رضي الله عنه-: (من نسي صلاة, فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) (٥) , فعادة الشرع عدم مؤاخذة الناسي, وعدم ترتيب الأحكام على أفعاله, خاصة في أحكام العبادات, فمالذي يمنع من طرد هذه الصورة إذن!

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بصحة صوم من جامع ناسيا في نهار رمضان؛ لوجاهة ما استدلوا به, ولتطرق المناقشة على ما استدل به أصحاب الأقوال الأخرى, ولقربه من قواعد الشرع في التيسير, ورفع الحرج.


(١) سبق تخريجه ص: ١٩٨.
(٢) ينظر: المغني, لابن قدامة ٣/ ١٣٥, والشرح الكبير, لعبدالرحمن ابن قدامة ٣/ ٥٦.
(٣) البقرة من الاية: ٢٨٦.
(٤) سبق تخريجه ص: ٢٠٢.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: مواقيت الصلاة, باب: من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة (٥٩٧) ١/ ١٢٢ , ومسلم في صحيحه, كتاب: المساجد , باب: قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها (٦٨٤) ١/ ٤٧٧.

<<  <   >  >>