للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمكن أن يناقش:

الظن الغالب يقوم مقام اليقين عند تعذر اليقين, ولا يُسلم أن كل صائم يصير إلى اليقين بصبر زمن يسير, كالمحبوس الذي لا يرى الشمس, وكأهل البلدان الذين لا تطلع عليهم الشمس إلا في الصيف, لا سيما مع ندب الشارع تعجيل الفطر في أول الوقت, فغاية ما في هذه الحالة أن المكلف عجل الفطر لينال فضيلة التعجيل, بناءً على اجتهاده, وغلبة ظنه.

الترجيح:

يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول, القائل بأن من جامع ظانا أن الشمس قد غربت, ولم يستيقن شيئا بعد ذلك, فصومه صحيح, ولا يلزمه قضاء؛ لوجاهة ما استدلوا به, ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.

المسألة الثانية: أن يظن أن الشمس قد غربت, فيجامع, ثم يتبين له عدم غروبها.

اختلف الفقهاء في هذه المسألة, على قولين:

القول الأول:

من جامع ظانا أن الشمس قد غربت, ثم تبين له أنها لم تغرب, فصومه صحيح, ولا يلزمه قضاء, وهو وجه عند الشافعية (١) , ورواية عند الحنابلة (٢).

أدلة القول الأول:

الدليل الأول:

حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، قالت: أفطرنا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم غيم، ثم طلعت الشمس (٣).

وجه الاستدلال بالحديث:

أن الحديث نص في هذه المسألة؛ إذ لو أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالقضاء لشاع ذلك، فلما لم ينقل؛ دل على أنه لم يأمرهم بالقضاء (٤).


(١) ينظر: المجموع, للنووي ٦/ ٣٠٦, وروضة الطالبين, للنووي ٢/ ٣٦٣.
(٢) ينظر: المبدع, لابن مفلح ٣/ ٣٠, وحاشية الروض, لابن قاسم ٣/ ٤٠٧.
(٣) سبق تخريجه ص: ٢٢٥.
(٤) ينظر: حاشية الروض, لابن قاسم ٣/ ٤٠٧.

<<  <   >  >>