للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال بالحديث:

أن السائل قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (وقعت) , وذلك يتناول المرات الكثيرة، كما يتناول المرة الواحدة، ثم لم يسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عدد ما أفطر منه، وإنما ألزمه كفارة واحدة، فصار كعموم لفظ من النبي -صلى الله عليه وسلم- في إيجاب كفارة واحدة على كل من أفطر مرة، أو مرارا (١).

يمكن أن يناقش وجه الاستدلال بالحديث:

حال السائل كان ظاهرا في أن هذا الفعل بدر منه مرة واحدة؛ لذلك لم يسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عدد ما أفطر, فإنه جاء فزعا, خائفا, ومن تكرر هتكه لحرمة الشهر, يستمرئ, ويعتاد غالبا, ولا يأتي فزعا.

الدليل الثاني:

لما كانت كفارة شهر رمضان واجبة لحرمة الشهر، لا لانتهاك حرمة الفرض، بدلالة أنها غير واجبة في قضاء شهر رمضان، وحرمة الشهر حرمة واحدة؛ والجماع الثاني حصل والحرمة منتهكة، فلم تبق حرمة للشهر يتعلق بها وجوب الكفارة (٢).

نوقش:

لكل يوم من الشهر حرمة يتميز بها عن الآخر, كما أن فساد يوم لا يتعدى إلى غيره, فوجب أن يلزمه بهتك حرمة يوم آخر كفارة مجددة (٣).

الترجيح:

الذي يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ القائل بوجوب كفارة لكل يوم من رمضان انتهكت حرمته بالجماع؛ لوجاهة استدلالهم, ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني, ولما يترتب على القول الثاني من التساهل في حرمة الشهر.

رابعا: اختلف الفقهاء في من وطئ في يوم من رمضان, ثم كفر, ثم وطئ في نهار نفس اليوم الذي أفسده, على قولين:


(١) ينظر: شرح مختصر الطحاوي, للجصاص ٢/ ٤٢٤.
(٢) ينظر: شرح مختصر الطحاوي, للجصاص ٢/ ٤٢٥.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير, للماوردي ٣/ ٤٢٧.

<<  <   >  >>