للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الثاني:

أولاً: استدلوا على إجزاء غسل الحشفة بما استدل به أصحاب القول الأول.

ثانياً: أدلتهم على إجزاء الاستجمار:

الدليل الأول:

حديث عائشة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط, فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بها، فإنها تجزي عنه) (١).

وجه الاستدلال بالحديث:

الغائط هو: الموضع المطمئن من الأرض، يستتر به عند قضاء الحاجة، وقد يؤتى لكل خارج من الفرج، للاستتار, ولم يفرق النبي-صلى الله عليه وسلم- حين أمر بالاستنجاء بالأحجار، بين حدث, وآخر (٢).

الدليل الثاني:

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (ومن استجمر فليوتر) (٣).

وجه الاستدلال بالحديث:

الحديث عام في إجزاء الاستجمار من جميع الأحداث الصغرى دون تفريق بين حدث, وآخر (٤).

ويمكن أن يناقش وجه الاستدلال بالحديثين:

يجوز أن يكون هذا العموم مخصوص بأحاديث غسل المذي.

القول الثالث:

يغسل الذكر كاملا, ما أصاب المذي منه, وما لم يصبه, وهذا القول المعتمد عند المالكية (٥) , ورواية عند الحنابلة (٦).

أدلة القول الثالث:

الدليل الأول:

حديث علي -رضي الله عنه- السابق, وفيه: (اغسل ذكرك) (٧).

وجه الاستدلال بالحديث:

المراد بالأمر بغسل الذكر, غسل الذكر كله؛ إذ لا مُخرِج لبعضه من عموم النص.

نوقش:

الأمر بغسل الذكر المراد به بعض الذكر, وهو ما أصابه المذي؛ قياسا على سائر الأحداث الصغرى؛ فالمذي حدث, والأحداث الصغرى لا يجب بها إلا غسل موضع خروجها, فكذلك المذي (٨).

وأجيب:

غسل الذكر كاملا غير معلل, ولا يمكن قياسه على غيره, وإنما هو تعبدي للنص الآمر به: (اغسل ذكرك) (٩).

ويمكن أن يناقش الجواب:

ابن عباس -رضي الله عنه- أحد رواة حديث علي -رضي الله عنه- , قال: (من المذي .. الوضوء يغسل حشفته (١٠) , ويتوضأ) (١١) , فدل على أن المراد بغسل الذكر: غسل الحشفة، وفهم الصحابي


(١) أخرجه أبو داود في سننه, كتاب: الطهارة, باب: الاستنجاء بالحجارة (٤٠) ١/ ١٠ , والنسائي في سننه الصغرى, كتاب: الطهارة, باب: الاجتزاء في الطهارة بالحجارة دون غيرها (٤٤) ١/ ٤١, وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ١/ ١٥٦.
(٢) ينظر: شرح مختصر الطحاوي, للجصاص ١/ ٣٤٩ ,والحاوي الكبير, للماوردي ١/ ١٦٠.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: الوضوء, باب: الاستنثار في الوضوء (١٦١) ١/ ٤٣ , وأخرجه مسلم في صحيحه, كتاب: الطهارة, باب: الإيتار في الاستنثار, والاستجمار, (٢٣٧) ١/ ٢١٢.
(٤) ينظر: المغني, لابن قدامة ١/ ١١٤.
(٥) ينظر: مناهج التحصيل, للرجراجي ١/ ١٠٩ , ومواهب الجليل, للحطاب ١/ ٢٨٥, وشرح مختصر خليل, للخرشي ١/ ١٤٩, وحاشية الدسوقي ١/ ١١٢.
(٦) ينظر: شرح العمدة (كتاب الطهارة) , لابن تيمية ١/ ١٠٢, والإنصاف, للمرداوي ١/ ٣٣٠ , والمبدع, لابن مفلح ١/ ٢١٦.
(٧) سبق تخريجه ص: ٢٠.
(٨) ينظر: شرح معاني الآثار, للطحاوي ١/ ٤٨, والمجموع, للنووي ٢/ ١٤٥.
(٩) ينظر: حاشية الدسوقي ١/ ١١٢.
(١٠) الحشفة هي: رأس الذكر, ما تحت الجلدة التي تقطع في الختان, ينظر: طلبة الطلبة, للنسفي ص: ١٦٤, وشرح غريب ألفاظ المدونة, للجبي ص: ١٨, والمطلع على ألفاظ المقنع, للبعلي ص: ٤٤.
(١١) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه, كتاب: الطهارة, باب: المذي (٦١٠) ١/ ١٥٩.

<<  <   >  >>