للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال من الآية الكريمة:

أن المقصود من قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} مسهن بشهوة, سواء كان بجماع, أو ما دونه, فهي عامة في نوعي الحدث الأكبر, والأصغر.

نوقش وجه الاستدلال:

لا نسلم أن المراد بالآية هو المباشرة بشهوة, بل المراد هو صريح الجماع (١).

وأجيب عن المناقشة من وجهين:

الوجه الأول:

أن الله سبحانه وتعالى أطلق ذكر مس النساء في الآية والمفهوم من هذا في عرف أهل اللغة والشرع هو: اللمس للتلذذ, وقضاء الشهوة, فإن اللمس لغرض آخر لا يفهم من تخصيص النساء بالمس؛ إذ لا فرق بينهن, وبين غيرهن في ذلك المس، فنسبته إلى النساء أوحت تخصيصه بالمقصود من مسهن (٢).

الوجه الثاني:

أن مباشرة النساء المذكورة في القرآن يراد بها ما كان مع الشهوة, كقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (٣) , وهذا من تفسير القرآن بالقرآن (٤).

الدليل الثاني:

أن الأحكام المتعلقة بمباشرة النساء إنما تثبت في مس الشهوة قل, أو كثر؛ مثل تحريم المباشرة على المحرِم, والمعتكِف, وتحريم الربيبة, فكذلك انتقاض الوضوء (٥).

الدليل الثالث:

أن نواقض الوضوء مما علقت بالمظان, كالنقض بالنوم؛ لأنه مظنة خروج الريح, فكذلك المباشرة بشهوة هي مظنةٌ لخروج المذي (٦).


(١) ينظر: المبسوط, للسرخسي ١/ ٦٨.
(٢) ينظر: شرح العمدة (كتاب الطهارة) , لابن تيمية ١/ ٣١٦.
(٣) البقرة من الآية: ١٨٧.
(٤) ينظر: شرح العمدة (كتاب الطهارة) , لابن تيمية ١/ ٣١٦.
(٥) ينظر: عيون الأدلة, لابن القصار ١/ ٥٢٥, وشرح العمدة (كتاب الطهارة) , لابن تيمية ١/ ٣١٧.
(٦) ينظر: عيون الأدلة, لابن القصار ١/ ٥٢٥ , والمغني, لابن قدامة ١/ ١٤٢ , وشرح العمدة (كتاب الطهارة) , لابن تيمية ١/ ٣١٦.

<<  <   >  >>