للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سنين طوال، في حين تمت الموافقة على وفاة أدمغتهم؛ فكيف نبض القلب دون تلقي الأوامر من الدماغ!؟

إن تفسير ذلك ذكره الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الحديث المتفق عليه من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ -رضي الله عنه-، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «الحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ» (١).

في هذا دليل واضح على الدور الأساسي للقلب، وأنه المتحكم بالجسد كله بما فيه العقل لا العكس، وأن ذلك حقيقة ولا ينبغي حمله على المجاز، أي أن ذلك الأمر محسوس كما سنبين ذلك إن شاء الله، والله أعلم.

• هل القلب كله يحمل هذه الوظائف التي تحدث عنها الشرع؟

ورد في أكثر من حديث أن المسؤول عن هذه الوظائف من العقل والإرادة والشعور … إلخ؛ جزء من القلب -لا القلب كله- بقدر المضغة، كما ورد في حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- الآنف الذكر، وهذه المضغة تقع في جذر القلب، كما ورد في حديث الأمانة الذي رواه البخاري عن حُذَيْفَةُ -رضي الله عنه-، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ؛ حَدَّثَنَا «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» (٢).

ومعنى (جذر) الأصل من كل شيء.


(١) أخرجه البخاري (١/ ٢٠ رقم الحديث ٥٢)، ومسلم (٣/ ١٢١٩ رقم ١٥٩٩).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٨/ ١٠٤ رقم الحديث ٦٤٩٧).

<<  <   >  >>