للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عرف الجنة يوم القيامة» (١)، -يعني ريحها- وهذا وعيد شديد، والعياذ بالله.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكْرُ اللهِ وَمَا وَالَاهُ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ» (٢).

والنية باب واسع يمكن تحديد ما ينفع طالبها بأمور نذكر بعضها؛ ليضع طالب العلم أمام عينيه كيف يحقق النية، ويطبقها في كل علم يناله:

الأمر الأول: امتثال أمر الله بالعلم؛ لقوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: ١٩] فأمر بالعلم، فإذا تعلمت فإنك ممتثل لأمر الله -عز وجل-.

الأمر الثاني: أن ينوي بطلبه للعلم الشرعي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره من أهله وذويه ومن له صلة به؛ لأن الأصل في الإنسان أنه جاهل، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨]. والواقع يشهد بذلك. فتنوي بطلب العلم رفع الجهل عن نفسك، وكلما زاد العلم زادت معه الخشية من الله {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] والواقع يقول إن ذلك ينطبق على العلم الشرعي وغير الشرعي.

الأمر الثالث: تحصين نفسه ودينه بكل ما يدفع عنه الشك والريبة، وذلك بأن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة في نفسه؛ وأن يكون له من العلم ما يقيه من الشبهات؛ حتى لا يتسلل الشك إلى قلبه فيفسد قلبه وتفسد عباداته والعياذ بالله. كما يحمي مَنْ حوله مِنْ أهله وذويه بملكة الرد على كل شبهة تطعن في الشريعة


(١) أخرجه أحمد في المسند (٢/ ٣٣٨)، وأبو داود، كتاب العلم، باب: طلب العلم لغير الله تعالى. وابن ماجه، المقدمة، باب: الانتفاع بالعلم والعمل به. والحاكم في المستدرك (١/ ١٦٠)، وقال: حديث صحيح سنده ثقات.
(٢) أخرجه الترمذي في السنن (٤/ ١٣٩ ح ٢٣٢٢)، وابن ماجه (٢/ ١٣٧٧ ح ٤١١٢)، وحسنه الألباني.

<<  <   >  >>