للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو مصادرها أو قدواتها.

كما أن الدفاع عن الشريعة مثل السلاح الذي يستعمله من يدافع عن عرضه وماله. لذا لا بد أن يكون متسلحًا دائمًا بما يدفع عن الشريعة في نفسه ما يطعن فيها.

وقد اختصر الإمام أحمد ما سبق ذكره في شأن العلم حينما سأله مهنا قال: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: حَدِّثْنَا مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ قَالَ: "طَلَبُ الْعِلْمِ". قُلْتُ: لِمَنْ، قَالَ: "لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ". قُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يُصَحِّحُ النِّيَّةَ؟ قَالَ: "يَنْوِي يَتَوَاضَعُ فِيهِ، وَيَنْفِي عَنْهُ الْجَهْلَ".

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ ثَوَّابٍ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: "مَا أَعْلَمُ النَّاسَ فِي زَمَانٍ أَحْوَجُ مِنْهُمْ إلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ مِنْ هَذَا الزَّمَانِ" قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: "ظَهَرَتْ بِدَعٌ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ حَدِيثٌ وَقَعَ فِيهَا".

ومن المعلوم عند أهل العلم أن من جد في طلب العلم الشرعي؛ تصح نيته في طلب العلم، وهذا يلمسه من طرق هذا الباب بشغف وجد ومحبة.

فقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: "طَلَبْنَا هَذَا الْعِلْمَ وَمَا لَنَا فِيهِ كَبِيرُ نِيَّةٍ، ثُمَّ رَزَقَ اللَّهُ النِّيَّةَ بَعْدُ". وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ؛ مِنْهُمْ: حَبِيبٌ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: "طَلَبنَا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَأَبَى أَنْ يَرُدَّنَا إلَّا إلَى اللَّهِ".

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ إنَّ مَعْمَرًا قَالَ: "كَانَ يُقَالُ إنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَيَأْبَى عَلَيْهِ الْعِلْمُ حَتَّى يَكُونَ لِلَّهِ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ أَخْبَرَنِي حَرْبٌ ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ قَالَ: "قَالُوا لِسُفْيَانَ إنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيث يَطْلُبُونَ الْحَدِيثَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، قَالَ طَلَبُهُمْ لَهُ نِيَّةٌ" (١).


(١) الآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح (٢/ ٣٧).

<<  <   >  >>