(٥) أن يكون تعلقه بربه ومعبوده وخالقه جل جلاله، لا بالمخلوق أيًّا كان هذا المخلوق سواء كان رجلًا، أو امرأة، أو ولد، أو سيارة، أو عقارات، أو مالًا، أو غير ذلك فإن من تعلق بغير الله عُذّب به. فعلى المسلم صرف أعمال القلب لله وحده لا شريك له، والحزم في ذلك، وزجر نفسه إن حادت عن ذلك، فإن استعان استعان بالله، وإن أحب أحب الله وأحب في الله، وإن توكل توكل على الله، وهكذا. وهذه العبادات تأتي تباعًا مع ما سبق ذكره من وسائل إصلاح القلب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "كلما ازداد القلب لله حبًا؛ ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية؛ ازداد له حبًا وحرية عمن سواه"(١).
ويكون القلب عبدًا أسيرًا للمخلوق من وجهين: من جهة العبادة، ومن جهة الاستعانة والتوكل. فالقلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يسر ولا يطيب، ولا يطمئن ولا يسكن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبة ومطلوبة.
ولهذا كان ابن القيم -رحمه الله- يقول: "إن في القلب وحشة لا يذهبها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته، وفيه فاقة لا يذهبها إلا صدق اللجوء إليه، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تذهب تلك الفاقة أبدًا.
(٦) قضاء حوائج المسلمين وايصال النفع لهم، فإنَّ السعي في قضاء حوائج الناس مِنْ صور الإحسان العظيمة؛ لأن المسلم المحسن يسعى إلى خدمة الآخرين؛ حبًّا في الله تعالى، وشفقةً على خَلْق الله تعالى، كما أن هذا العمل من أعظم أبواب الخير، ولها مكانة عالية جدًا في الإسلام الذي جاءت عقائده وشرائعه لإصلاح