للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن امتلاك المال الوفير -الثراء- متاحٌ للجميع، لا تحده بيئة معينة، ولا مدينة محددة، ما دام الإنسان في مجتمع ومع الناس، كما لا يُقصَر على جنس، فهو للذكر كما أنه للأنثى، ولا هو مربوط بالقدرة العقلية؛ فالموهوبون وغير الموهوبين يمكن أن يكونوا أثرياء، ما داموا يملكون القدر من العقل الذي يؤهلهم لذلك "أي الأهلية الشرعية" بل إنه لا يرتبط بمهنة بعينها، فالناس يحققون الثراء في مختلف الوظائف، والأعمال والمهن، كما أنه غير مرتبط بوقت معين أو عمر معين.

كما أن على المسلم أن يؤمن أن الرزق توفيق من الله، وليس من ذات نفسه، وبذلك يرضى وتطمئن نفسه، والحقيقة النبوية تقول: إن الرزق مكتوب لابن آدم وهو في بطن أمه، وأن رزقه مثل أجله، له وقت معلوم، وعملك يا ابن أدام سببٌ يسره الله لك، حتى تصل لرزقك الذي كتبه الله لك، فإن تيسر لك ذلك فعليك شكر الله ونسبة الفضل لله، لا لذاتك.

والدليل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَرَفَعَ الْحَدِيثَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ -عز وجل- قَدْ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَيْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقًا قَالَ: قَالَ الْمَلَكُ: أَيْ رَبِّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى؟ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ؟ فَمَا الرِّزْقُ؟ فَمَا الأَجَلُ؟ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» (١).

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله» (٢)، وحديث جابر مرفوعا


(١) مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، إشراف حسن قطب، كتاب القدر، نشر دارعالم الكتب بالرياض، الطبعة الأولى ١٤٢٤ هـ، ١٦/ ١٩٧.
(٢) ابن أبي عاصم، السنة، ١/ ١١٧ ح ٢٦٤. و: البزار، البحر الزخار، ١٠/ ٣٧ ح ٤٠٩٩، وقال: "وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إلاَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، ولَا نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَ هَذَا الطَّرِيقِ، ولَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنِ الْوَلِيدِ إلاَّ هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ إلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدِ احْتَمَلَهُ عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَذَكَرُوهُ عَنْهُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إلاَّ مَا ذَكَرُوا مِنْ تَفَرُّدِ هِشَامِ بْنِ خَالِدٍ بِهِ، ولَا نَعْلَمُ له علة" و: ابن حبان، صحيح ابن حبان، ٨/ ٣١ ح ٣٢٣٨. و: أبو نعيم، الحلية، ٦/ ٨٦، و: البيهقي، القضاء والقدر، ١/ ٢١٠ ح ٢٣٩، وصححه الألباني.

<<  <   >  >>