للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تستبطئوا الرزق؛ فإنه لم يكن عبد يموت حتى يبلغه آخر الرزق، فأجملوا في الطلب» (١).

وعلى هذا مهما كنت فقيراً، فإنه متى شرعت في القيام بأشياء مما يسره الله لك، وفق جدولة مرتبة، فإن ذلك طريقك للثراء، ورأس المال يدعو بعضه بعضاً، فيكون أسهل في تحصيل المزيد، بقدرة الله وتوفيقه.

المال غير محدود بكمية معينة، ولا يقف عند حد، فكلما زادت حاجة الناس إلى المزيد من الغذاء، والكساء، والمأوى، ووسائل الترفيه، والسياحة، والجمال، والمعرفة، والسعادة؛ فسييسر الله لهم وسائل وفرة المال، والسعي إلى كسبه.

ويخضع كل كائن حي إلى ضرورة التقدم المستمر، إلى طلب المزيد، فإن توقف الزيادة في الحياة يكون تماماً؛ بمثابة إيذان بالمرض، ثم الموت والفناء، والناس بطبيعتهم يدركون ذلك تماماً، ولهذا يسعون دائما إلى المزيد من الحياة، بل الشرع يؤكد هذه النظرية، ومنها الحديث الذي رواه أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا» (٢).

وأوضح منه دلالة ما فهمه ابن عباس -رضي الله عنهما- من أن توقف الزيادة دليل على حلول الأجل، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ قَالَ: فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ قَالَ: وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلا لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي: {إِذَا جَاءَ


(١) ابن ماجة، السنن، ٢/ ٧٥٢ ح ٢١٤٤، و: ابن حبان، صحيح ابن حبان، ٨/ ٣٣/ ح ٣٢٤١، و: البيهقي، شعب الإيمان، ٢/ ٤٠٦ ح ١١٤٢.
(٢) أحمد، المسند، ٢٠/ ٢٥١ ح ١٢٩٠، ورجاله رجال مسلم.

<<  <   >  >>