للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: ١ - ٢] حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نَدْرِي، أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: ٣]. قَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلا مَا تَعْلَمُ " (١).

لكن ما علاقة ذلك كله بالحساب يوم القيامة؟

المال سلاح ذو حدين، فهو عظيم في القوة والخير، لكنه سيء جداً إذا استخدم في الشر، في كسبه، أو انفاقه؛ لذا فإنه لا تزول قدما العبد، حتى يسأل عن كل ما يتعلق به، لأن الشرع ينظر إليه على النحو التالي:

• يجب أن تكون النظرة للمال على أنه وسيله، لا غاية، فهو وسيلة لتحقيق ما سبق ذكره من أمور الحياة، لا أنه هدف تُطَوع الحياة لكسبه، ويكون مالكه عبداً له؛ لأن ضرر ذلك عظيم في نفس الإنسان ودينه، قال -صلى الله عليه وسلم-: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» (٢).

• اليقين من أن المال وسيلة لتحقيق ما تريد، لكن ليس بالضرورة أن يجلب السعادة، فهو كما وصفه القرآن قد يكون زينة، وفتنة، وسبب عذاب {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: ١٥]. {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦].


(١) البخاري، صحيح البخاري، مع فتح الباري شرح صحيح البخاري، بتحقيق الشيخ ابن باز، نشر رئاسة الإفتاء بالرياض ١٣٧٩ هـ، كتاب التفسير، ٨/ ٧٣٤.
(٢) البخاري، صحيح البخاري، مع فتح الباري شرح صحيح البخاري، بتحقيق الشيخ ابن باز، نشر رئاسة الإفتاء بالرياض ١٣٧٩ هـ، كتاب الجهاد، ٦/ ٨١.

<<  <   >  >>