للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن كثير: (فأما خلق الأرض فقبل خلق السماء بالنص. وفي قوله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أن دحو الأرض كان بعد خلق السماء، فالدحو، هو مفسر بقوله: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها).

أما الحقيقة الثالثة في آيات سورة «فصلت» فهي الدورات التكوينية للأرض والسماء ومجموعها ستة أيام.

وقد اختلف المفسرون قديما في مقدار اليوم المقصود في الآيات الكريمة، فاليوم الاصطلاحي الذي ترتبط به الأحكام التكليفية من الصوم والصلاة والعدة وغير ذلك هو من مطلع الفجر أو الشمس إلى غروبها.

إلا أن هذه المدة الزمنية المعيّنة لا تقدّر بهذا المقدار إلا بعد وجود الأرض والشمس ووجود دوراتهما في أفلاكهما. والحديث هنا عن خلق الأرض والسماء، فكيف تقدر قبل وجودهما؟!.

هذا ما دفع بعض المفسرين للذهاب إلى تقدير تلك الأيام بفترات زمنية تتناسب مع أدوار التكوين. فعن مجاهد: يوم من الستة الأيام كألف سنة مما تعدّون. وهو يشير إلى قوله تعالى: وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [الحج: ٤٧]. وجاء في سورة المعارج قوله تعالى:

تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤) [المعارج: ٤]. وفي سورة السجدة يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥) [السجدة: ٥].

ويذهب علماء الفلك المعاصرون إلى ما يطلقون عليه (النسبية الزمنية) وأن لكل كوكب وحداته الزمنية الخاصة به، وذلك يقدر بالنسبة لسبحها في الفضاء ودورانها في أفلاكها (١).


(١) - يوم القمر نحو (٣٠) يوما وهو مقدار دورته حول الأرض.
- يوم الزهرة حوالي (٣٠) يوما تقريبا من أيام الأرض أما دورتها حول الشمس فسبعة أشهر ونصف.
- يوم عطارد (٨٨) يوما من أيام الأرض أي بمقدار طول سنته فهو يتم دورته حول

<<  <   >  >>