للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماطرة (المزن) ومن هذه المزن ما يسمى (المزن الركامي) وهي سحب تنمو في الاتجاه الرأسي، وقد تمتد إلى علو عشرين كيلومترا، وداخل السحب الركامية ثلاث طبقات، وهي الطبقة السفلى وقوامها نقط نامية من الماء ثم الطبقة الوسطى وتكون درجة حرارة نقط الماء فيها تحت الصفر المئوي، ومع ذلك فهي باقية في حالة السيولة (١)، أما الطبقة العليا فتتكون من بلورات الثلج ذات اللون الأبيض الناصع وجعل الله سبحانه وتعالى نقط الماء فوق المبردة غير مستقرة قابلة للتجمد بمجرد ارتطامها

بجسم صلب، لذا فبمجرّد أن تتساقط بلورات الثلج من الطبقة العليا إلى الطبقة الوسطى وتلتقي بنقط الماء فوق المبردة تلتصق البلورات بنقط الماء وتتجمد فينمو حجمها سريعا، وينشط عليها التكاثف فتتساقط على هيئة برد: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ. وأثناء سقوط هذا البرد يلتقي بنقط الماء النامية فيتجمع معها، ويزداد حجم النقط كثيرا ولا يقوى الهواء على حملها فتتساقط على هيئة مطر، ويذوب أغلب البرد قبل وصوله إلى سطح الأرض.

ولنمو البرد وذوبانه أهمية عظيمة في عمليات شحن السحابة بالكهربائية التي تسبب البرق والرعد، فالبرد عند ما ينمو فوق (٢) ملمتر يشحن بالكهربائية، وعند ما يذوب يشحن أيضا بشحنة مضادة، وفي كلتا الحالتين يحمل الهواء الصاعد شحنة كهربائية مضادة عظمى. والآية الكريمة ذكرت كلمة (ركاما) وأعقبتها بال (برد) وقد أثبت العلم أن هذا النوع (السحب الركامية) هي الوحيدة التي تعطي البرد.

وفي التعبير بقوله: ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ سر من الأسرار الدقيقة الرائعة التي تعتبر الآن من أمهات الحقائق الجوية، إذ فيها الدلالة على الحقيقة


(١) يجمد الماء تحت الضغط العادي في درجة الصفر المئوي، أما إذا اختل الضغط الجوي الذي يقدر ب (٧٦) سنتمتر زئبق، فإن تجمد الماء وكذلك غليانه يختلفان، لذا تكون درجة الحرارة أقل من الصفر ولا يجمد الماء لضعف الضغط الجوي.

<<  <   >  >>