إدراكها إذا شاء الله سبحانه وتعالى، بأن أودع في الإنسان خاصية تمكنه من استقبال إشارات هذه اللغة، وأخبر القرآن الكريم أن ذلك قد تحقق لأحد أصفياء الله من البشر وهو سليمان عليه السلام: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦) وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٧) حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩)[النمل: ١٦ - ١٩].
وهناك فصائل من الحيوان تمتاز عن غيرها بصفات أودعها الله سبحانه وتعالى فيها غريزة وفطرة يعجز عنها العقل البشري مع وسائله المتطورة المتقدمة.
فمثلا النحل ومملكته، والتنظيم الرائع بين أفراد النحل عامة، إن دراسات مستفيضة قامت حول هذه المملكة فأظهرت العجب العجاب.
فالتقسيمات الدقيقة بين أصناف النحل وتحديد مهمة كل صنف منها:
صنف مهمته جمع رحيق الأزهار وإيداعه في مستودعاته من الخلية، وصنف يعمل داخل الخلية لبناء بيوت سداسية الشكل، واختيار الشكل السداسي لم يأت اتفاقا، بل عن اختيار وحكمة فإن أي شكل هندسي آخر لا يمكن أن يملأ كل الفراغات، بل تبقى زوايا مهملة لا يستفاد منها، أما الشكل السداسي فلا تبقى معه أي زاوية مهملة، وهناك صنف من النحل يجهز للملكة طعاما خاصا، ومهمة الملكة هي الإنجاب ليس إلا، إذ بعد أن تضع بيوضها تموت لتختار ملكة جديدة من بين الجيل القادم وتقتل كل الأصناف الشبيهة بالملكة المختارة حتى لا تنازع الملكة سلطتها وهنالك على باب الخلية حرس يفتشون العاملات بدقة متناهية، فالتي تقع على نجاسة أو شيء خبيث الرائحة يكون جزاؤها القتل أو الطرد والمنع من دخول الخلية.