للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) [التحريم: ٣ - ٤].

فإن ما اتفقت عليه عائشة وحفصة من حرمان رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب العسل في بيت زينب بادعاء أنهما تشمان رائحة المغافير منه لم يطلع رسول الله صلى الله سلم عليه، وإنما نزل عليه الوحي مخبرا ومهددا للاثنتين بالطلاق إن لم تكفا عن مثل هذه المواقف التي تزعزع ثقة المسلمين ببيت النبوة، مصدر التشريع للأمة. فالحادثة جرت بين أمهات المؤمنين لا بقصد الإساءة وإنما بقصد الاستحواز على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاهتمام بهن وإيثارهن على غيرهن من الضرائر. فنزلت الآيات الكريمة موجهة هادية للصواب مصححة للموقف (١).

ب- وفي غزوة حنين خرج المسلمون في اثني عشر ألف مقاتل، ولأول مرة في تاريخ المسلمين يخرجون بمثل هذا العدد، فكان من بعض الجند إعجاب بهذه الكثرة وغفلة عن أن النصر بيد الله يؤتيه من يشاء ومتى شاء، وما العدد والعدة إلا أسباب ظاهرة أمرنا باتخاذها وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [آل عمران: ١٢٦].

فلما فوجئ جند المسلمين بالعدو ولوا مدبرين، لولا أن تداركهم رحمة الله فثبت الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عصبة من المهاجرين والأنصار، لكانت هزيمة نكراء.

يقول عز من قائل في الحادثة: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (٢٦) [التوبة: ٢٥ - ٢٦].


(١) للمزيد من الدروس والعظات والعبر في حادثة التحريم انظر كتابنا: تربية الأسرة المسلمة في ضوء سورة التحريم ص ٥٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>