لقد حددت الآيات الكريمة مصير كل من أبي لهب والوليد بن المغيرة وأبي جهل في الدنيا والآخرة، فلو لم يكن القرآن تنزيلا من حكيم حميد الذي بيده الحياة والموت لما
صحّ ذلك في كل ما أخبر به، بل لما كان من عاقل من البشر أن يضع مصير دعوته على شيء معين، فلو آمن واحد من هؤلاء الثلاثة الذين دمغهم القرآن الكريم بالكفر، وخلد في الأشقياء ذكرهم، لانطفأت شعلة الإسلام، ولقامت الحجة على القرآن ومن جاء به، لو أسلم أبو لهب مثلا لما كان لقوله تعالى: سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) منصرف ولا واقع، ولأصبحت هذه الآية في واد والواقع في واد آخر.
وكيف كان محمد صلى الله عليه وسلم يقابل الناس بها، وقد أصبح أبو لهب، من الصحابة كعمر بن الخطاب، وغيره من الذين كان لهم موقف معاد للإسلام قبل أن يدخلوا فيه، أفليست هذه معجزة قاهرة، وأي معجزة أبهر وأقهر من أمر لا يكلف صاحبه أكثر من كلمة يقولها بلسانه فيبطل بها قول محمد صلى الله عليه وسلم، ويفسد أمره جميعه، ثم لا يقول الكلمة، ولا تسمح له الحياة بأن يقولها فقد عاجلته المنية قبل يوم الفتح الذي دخلت فيه قريش كلها الإسلام فلو دخل هؤلاء لكان إسلامهم هدما للإسلام كله.
أفلا يدل هذا جليا أن القرآن من عند خالق الحياة والممات، والذي مصير كل شيء بيده، ومآل كل أمر إليه، وهو الذي حفظ دينه وكتابه.
سورة القمر من السور المكية التي نزلت في المرحلة المتوسطة حيث كان أذى المشركين يزيد يوما بعد يوم على المؤمنين، فكانت الآيات الكريمة تنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتثبيت قلبه بذكر قصص الأنبياء والمرسلين وتبين أن العاقبة لهم وأن نصر الله آتيهم لا محالة، وأن مصير المعاندين هو