الهزيمة والخزي والعار وكان المؤمنون ينتظرون يوم النصر والفرج إلى أن جاء ذلك يوم بدر، يوم الفرقان يوم أعز الله جنده وأخزى أعداءهم، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه كنت أقرأ قوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) فأقول أي جمع هذا وأية هزيمة إلى أن كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول: (سيهزم الجمع ويولون الدبر)، فعرفت تأويلها يومئذ (١) وعند نزول الآية الكريمة ما كان أحد يتوقع أن تكون للمسلمين شوكة وجيش يواجهون به جموع المشركين. فكان أن تحققت النبوءة بعد سنوات عديدة في السنة الثانية من الهجرة النبوية.
كانت الدولتان العظيمتان في ذلك الحين الفرس والروم. فحدث أن وقعت معركة بين الدولتين وانتصر الفرس على الروم وألحقت هزيمة نكراء بجيش الروم واقتطعت أراضي من بلاد الشام من الممالك الرومانية، وكانت دولة الفرس وثنية تعبد النار، وكانت دولة الروم نصرانية تدعي متابعتها للإنجيل، ففرح المشركون الوثنيون بانتصار الوثن على أهل الكتاب. تفاؤلا بانتصارهم على المسلمين أتباع القرآن. فلما نزلت الآيات الأولى من سورة الروم، سخر المشركون من هذا النبأ، لأن الهزيمة التي لحقت بالروم في مقاييس الأسباب الظاهرية أضخم من أن تزال آثارها في عشرات السنين، فضلا عن تحقيق النصر على العدو المناوئ في بضع سنين، ولكن الأمر لله من قبل ومن بعد، وما كان وعد الله ليتخلف، ولم تمض عشر سنين حتى دحرت الروم الفرس، في وقت فتح الله على رسوله فتحا مبينا، وفرح المسلمون بانتصارهم السياسي في غزوة الحديبية.